المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

107

إضرار الصغيرة بالعدالة؛ إذ لعل مقصوده (عليه السلام): إنّ ترك الكبيرة أمارة على العدالة، فحتى لو كان واقعاً محكوماً بالفسق لارتكاب الصغيرة يكون ظاهراً محكوماً بالعدالة لأنّ العدالة تعرف _ كما ورد في هذا الحديث _ بترك الكبائر.

فإنّه يقال: إنّ إطلاق الحديث لفرض العلم بارتكابه للصغيرة دليل على عدم إضرار الصغيرة بالعدالة أي أنّ المقصود بالعدالة في لسان الأدلة مستوى من الاستقامة قد يجتمع مع ارتكاب الصغيرة.

وقد يمكن التمسك بالآية الكريمة على عدم إخلال الصغيرة بالعدالة وهي قوله تعالی:

﴿إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبٰائِرَ مٰا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئٰاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً﴾(1).

ووجه الاستدلال بهذه الآية المباركة هو أن يقال: إنّ بيان تكفير السيئآت عند اجتناب الكبائر وإدخاله مدخلاً كريماً يدل بدلالة التزامية عرفية على أنّ ترك الكبائر يجعل باقي الذنوب كأن لم يكن وبحكم العدم في كلّ الأحكام.

إلا أنّه لو تم ذلك فهذا لا يعني دلالة الآية على عدم دخل ترك الصغائر في العدالة، وإنّما يعني عدم إضرار الصغائر بأحكام العدالة وتعارضها حينئذٍ أدلة اشتراط تلك الأحكام بالعدالة، ولم تكن الآية بصدد بيان هذا اللازم ابتداءً كي تكون حاكمة _ بملاك النظر _ على أدلّة اشتراط العدالة. نعم قد يقال: إنّها تقدّم على تلك الأدلّة باعتبار تقدم القرآن على ما يعارضه من الحديث بمثل(2) العموم من وجه.


(1) النساء: 31.

(2) ولو قيل: إنّ هذا الحكم يختصّ بما لو تعارض خبران وأحدهما كان يوافق القرآن، والآخر يخالفه بمثل العموم من وجه، فيرجّح ما وافق الكتاب، ولم يقبل بتقدّم القرآن فيما إذا كان التعارض بينه وبين القرآن ←