المولفات

المؤلفات > دراسات فقهية

49

اشتراط الرجوع قبل الزوال. وأمّا الذي يسافر عن طريق الماء بالسفينة ويطول سفره فلا يستطيع الرجوع في نفس اليوم، فيفطر.

هذا بغضّ النظر عن أنّه لا حجّية في مرسلة المقنع، فإذا قطعنا النظر عنها لعدم تماميّتها سنداً ودلالةً _ كما عرفت _ يبقى أن نرى هل نفترض المقياس هو الشيء الأكثر رواجاً من وسائل السفر، ونقيسه ببياض اليوم ومن دون أن نفرّق بين السفر الأرضي والمائي والسماوي، أو نفترض المقياس هي الثمانية فراسخ كائناً ما كانت الوسيلة؟

وعندئذٍ نقول: إنّنا موقّتاً نقطع النظر عن الروايات التي افترضها القائل بمقياس بياض يوم حاكمةً ومعلَّلةً لمقياس الفراسخ بتطابقه وقتئذٍ لسير بياض يوم، وننظر إلى الروايات التي فرضت تعارضها في ما بينها والتي حدّدت بعضها المسافة بالفراسخ، وبعضها ببياض يوم، وبعضها بالجمع بين الأمرين، ونلفت النظر للجمع العرفي في ما بينهما إلى نكتتين:

الأُولى: وضوح أنّ الثمانية فراسخ لها تحدّد واقعي في حين أنّ السير بمقدار بياض يوم ليس له تحدّد واقعي؛ إذ يختلف باختلاف وسيلة السير، وباختلاف طول النهار وقصره، بل وحتّى السفر المتعارف وفي فصل معيّن من الفصول لا يحدّده؛ فإنّ السفر على الفرس أيضاً كان متعارفاً وقتئذٍ كالسفر على الجِمال، وكان مقدار السير مع الجِمال وخاصّة الجِمال المثقلة بالأثاث يختلف كثيراً عن مقدار السير على الفرس.

والثانية: أنّ تحديد الفراسخ بعلائم الأميال لم يكن وقتئذٍ رائجاً في غالب الأسفار كما في يومنا هذا، فكان المقياس الوحيد الذي يمكن تقدير مقدار الفراسخ بها في كثير من الأسفار منحصراً بجعل زمن السير أمارة على ذلك.

وبعد الالتفات إلى هاتين النكتتين نقول: إنّ المفهوم عرفاً من الجمع بين تلك الروايات أنّ التحديد بالفراسخ تحديد واقعي؛ فإنّه الذي لا يزيد ولا ينقص، وأنّ