المولفات

المؤلفات > دراسات فقهية

341

نفسه من ربح المال أكثر مما منع من حق اللّٰه الذي يكون فيه»(1). فلعل هذه الروايات تشير إلى أنّ كون تحويل النقد المسكوك إلى ركاز لا يمكن التعامل به، لما كان خلاف طبع الإنسان لكونه مانعاً عن امتلاكه السيولة النقدية الآنيّة، اكتفت الشريعة بالمقدار الذي يحصل لذلك من الردع عن هذا التحويل، حيث يضرّه أكثر مما يربحه، ولم توجب عليه الزكاة في ما لو فعله صدفة، أما الذي يكثر صدوره من الإنسان فهو كنز النقد بوصفه نقداً رائجاً أو مسكوكاً فمنعت الشريعة عن ذلك بفرض الزكاة.

ويشهد لهذا الاحتمال _ أعني كون ملاك الزكاة في النقدين المنع عن ركود النقد الرائج _ ما ثبت نصاً وفتوى من شرط الحول في زكاة النقدين، فلعل السر في ذلك أنّه إذا أدخل الشخص نقوده في سير التجارة والتبادل والمعاملات خرجت عن كونها كنزاً، ولم يحصل الركود في قسم من النقد، ولهذا لم يوجب عليها الإسلام الزكاة.

إلا أنّ شرط الحول ليس مخصوصاً بالنقود بل هو موجود في الأنعام أيضاً.

أما التعدي عن الذهب والفضة إلى الأوراق الاعتبارية المألوفة اليوم في ثبوت الزكاة عليها، فقد يخطر بالبال القول: إنّ الجزم بإلغاء الخصوصية أو حكم العرف بذلك، يتوقف علىٰ فرض كون الملاك المفهوم في زكاة النقدين منحصراً بمثل سد حاجات المحتاجين وسائر المصارف العامة، مما هو مشترك بين النقدين والأوراق المالية المتداولة اليوم تمام الاشتراك. أما إذا احتملنا وجود ملاك آخر في المقام وهو المنع عن الكنز وعن ركود مبلغ من النقود وإيقاف السيولة النقدية، فمن المحتمل وجود الفرق بين مقاييس تحسين الاقتصاد في الاقتصاد القديم الذي كان النقد الرائج فيه عبارة عن الذهب والفضة، ومقاییسه في الاقتصاد المتطور القائم على أساس الأوراق التي يكون قوامها بالجعل والاعتبار، سواء فرض لها رصيد كامل أو

 


(1) راجع وسائل الشيعة، ج9، ص159، الباب11 من أبواب زكاة الذهب والفضة.