المولفات

المؤلفات > دراسات فقهية

336

الناس بالأوراق؟ أو كان مكيفاً بالتكييف الأول وهو التعهد بالدَين؟ أما على التكييف الثاني فقد كانت الأوراق أموالاً قبل الإعفاء عن التعهد، فكذلك الحال لا محالة بعد الاعفاء، وأما على التكييف الأول فالأوراق قبل الإعفاء عن التعهد لم تكن أموالاً بل كانت مستندات وحاكية عما في ذمة الجهة المصدّرة للأوراق من رصيد. فعندئذٍ يجب أن نرى ما هو تفسیر قانون الإعفاء وتكييفه من الناحية الفقهية؟ فإن كان قانون الاعفاء يعني إلغاء الديون التي كانت الأوراق النقدية سندات عليها وتحويلها إلى أوراق نقدية إلزامية، فهذا يعني أنّ تلك الأوراق أصبحت أموالاً باستقلالها، ولم تعد حاكية بحتة، وأما إذا كان قانون الإعفاء يعني السماح للجهة المصدّرة بعدم وفاء الدين الذي تمثّله الورقة النقدية في نطاق التعامل الداخلي، حرصاً على الذهب وتوجيهاً له إلى التعامل مع الخارج، مع الاعتراف قانونياً ببقاء الديون التي تمثّلها تلك الأوراق، فلا تخرج بذلك عن حكمها قبل الإعفاء(1).

أقول: إنّ احتمال تفسير الإعفاء عن التعهد بالشكل الذي يجتمع مع فرض حكاية الأوراق عن الدَين في ذمة الجهة المصدرة لها، غير موجود في يومنا الحاضر نهائياً؛ وذلك لأنّه حتى لو فرض بقاء التعهد في التعامل الخارجي، أو في تعامل الدولة مع الخارج، أو فرض في مورد ما ثبوت التعهد في التعامل الخارجي صدفة، فليس هذا تعهداً بكمية معينة من ذهب أو فضة أو أي شيء آخر، بل هو تعهد بدفع ما يناسب ذلك المبلغ من النقد في كل زمان بحسبه.

وبكلمة أُخرى: إنّ المفهرم من الرصيد للأوراق في الوضع العالمي اليوم لم يعد ما كان سابقاً من مبلغ مشخص ومعين في ذمة شخص أو جهة، وإنما رصيد أوراق كل

 


(1) راجع البنك اللاربوی في الإسلام: ص۱۵۱ _ ۱۵۲.