المولفات

المؤلفات > دراسات فقهية

33

الفجر الأوّل المستطيل في السماء، ومنهم من يصلّي إذا اعترض في أسفل الأُفق واستبان، ولستُ أعرف أفضل الوقتين فأُصلّي فيه، فإن رأيت أن تُعلّمني أفضل الوقتين وتحدّه لي، وكيف أصنع مع القمر والفجر لا تبيين معه حتّى يحمرّ ويصبح؟ وكيف أصنع مع الغيم؟ وما حدّ‌ ذلك في السفر والحضر؟ فعلتُ إن شاء الله. فكتب(عليه السلام) بخطّه وقرأتُه: الفجر _ يرحمك الله _ هو الخيط الأبيض المعترض، وليس هو الأبيض صعداً‌، فلا تصلّ في سفر ولا حضر حتّى تبيّنه، فإنّ الله تبارك وتعالی لم يجعل خلقه في شبهة من هذا، فقال: ﴿َكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْر﴾، فالخيط الأبيض هو المعترض الذي يحرم به الأكل والشرب في الصوم، وكذلك هو الذي يوجب به الصلاة»(1).

واشتماله على الغيم في سؤال السائل لا ينافي ما نحن بصدده، فإنّ الفرق بين ضوء القمر الذي هو مانع عن تحقّق البياض رأساً مع الغيم الذي هو كحجاب عارضي مانع عن الرؤية واضح.

هذا كلّه مضافاً إلى أنّ مقتضى الأصل أو الأُصول ذلك، ولا مخرج عنها، فإنّ الأدلّة لو لم تكن ظاهرة في ما ذكرنا لما كانت ظاهرة في القول الآخر، فلا محيص عن التمسّك بالاستصحاب الموضوعي أو الحكمي مع الخدشة في الأوّل»(2).

والظاهر أنّ مقصود السيد الإمام(قدس سره) من قوله: «مع الخدشة في الأوّل» أنّ الاستصحاب الموضوعي لعدم طلوع الفجر مخدوش؛ لأنّ طلوع الفجر بأحد المعنيين _ وهو طلوعه في الأُفق الواقعي _ مقطوع التحقّق، وبالمعنى الآخر _ وهو طلوعه بالشكل الذي يتبيّن للعين _ مقطوع العدم.

 


(1) وسائل الشيعة، ج4، ص 210، الباب 27 من أبواب المواقيت، ح4.

(2) الرسائل العشرة، ص 199 _ 202.