المولفات

المؤلفات > دراسات فقهية

150

ورغم أنّ روايات الجواز أكثر قد يرجّح جانب الحرمة بالرجوع إلى الآية الشريفة: ﴿ولَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ﴾ مرجّحة أو مرجعاً.

ولكن في دلالة الآية غموض؛ لأنّ الإطلاق في كلمة ﴿الْكَوَافِرِ﴾ للكتابيّات إطلاق بحذف المتعلّق؛ إذ لم يذكر ݢݢݢأنّهنّ كوافر بأيّ شيء، هل بالله أو التوحيد مثلاً؟ فتختصّ الآية بالملحدات والمشركات، أو بنبوّة رسول الله(صلى الله عليه و آله) فتشمل الكتابيّات؟ وقد نقّحنا في محلّه أنّ وجود القدر المتيقّن في مقام التخاطب يبطل الإطلاق الذي يستفاد من حذف المتعلّق، والمتيقّن في المقام هو الكفر بالله أو التوحيد، فشمول الآية للكتابيّات غير واضح.

أمّا إثبات إطلاق الآية للكتابيّات بالرواية التي فرضت هذه الآية ناسخة لآية ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوْتُوا الْكِتَابَ﴾، فرجوع إلى السنّة، فلم تصبح الآية مرجّحة أو مرجعاً.

على أنّنا نكاد نطمئنّ بوجود خلل في هذه الرواية، فإنّنا لا نكاد نحتمل إمكان جعل هذه الآية ناسخة لتلك الآية، فالتاريخ ينقل: أنّ قوله(وجل عز): نزلت في قصّة صلح الحديبية، ونحن نعلم أنّ قصّة صلح الحديبية وقعت في أواخر ݢݢݢالسنة السادسة من الهجرة، وبحسب النقل التاریخي إنّ امرأة مسلمة من مكّة جاءت إلى رسول الله(صلى الله عليه و آله)، فأرسل الكفّار من يردّها إلى مكّة على أثر بند من بنود ورقة الصلح يصرّح بإرجاع من يهرب من مكّة إلى المسلمين في المدينة، وعدم إرجاع من يهرب من المسلمين إلى مكّة، فنزلت الآية المباركة(1).

ومضمون الآية شاهد واضح على صدق هذا التاريخ، حيث قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللّٰهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ﴾


(1) السيرة النبوية، ج2، ص326.