المولفات

المؤلفات > دراسات فقهية

135

إحداهما: ما سيأتي في بيان الأساس الخامس، والأُخرى: مرتبطة بهذا الأساس الرابع، وهي: أنّه لو كانت تلك الحقوق واجبة لأصبحت الحياة الزوجية قائمة على أساس الصرامة والجبر، لا على أساس المودّة والصفاء والحبّ، وكانت علاقتهما أشبه شيء بعلاقة التاجر بعمّاله أو المالك بمملوكه في نظام الرقّ.

الرابع: أنّ الإسلام جعل الزواج مستحبّاً، ولم يجعله واجباً على الرغم من أنّ المصلحة المترتّبة عليه ربّما لا تقلّ في غالب الأحيان عن المصلحة المترتّبة على بعض الواجبات، وجعل الطلاق مكروهاً، ولم يجعله محرّماً على الرغم من كونه مبغوضاً إلى حدّ الحرمة غالباً، فقد يكون السبب في ذلك _ إضافةً إلى ما سيأتي في الأساس الخامس _ هو: أنّه لو لم تكن الرغبةُ الجنسيّة ولا الاستحبابُ الأكيد الثابت للزواج، أو الكراهةُ الأكيدة الثابتة للطلاق من قِبل الشارع في مورد ما كافية لتحريك الشخص نحو الزواج، أو منعه من الطلاق لما كان ينبغي في ذلك المورد إيجاب الزواج، أو تحريم الطلاق؛ لأنّ الحياة الزوجيّة إن أُقيمت على أساس هكذا إيجاب أو تحريم، فربّما لا تُضفى عليها المودّة والرحمة، فتصبح حياة لا تُطاق.

الأساس الخامس: عنصر المرونة في الإسلام، فمن كمالات الإسلام وفضائله الجليلة اشتمالُه على عنصر المرونة والمطّاطيّة ممّا يجعله قابلاً للتطبيق في كلّ زمان ومكان، ومع كلّ الملابسات والأحوال، وقد أعمل الإسلام في نظامه عنصر المرونة بثلاثة أشكال:

الشكل الأوّل: فرض منطقة الفراغ، وجعل ملأها بيد وليّ الأمر، كما شرحنا ذلك في أبحاثنا عن ولاية الفقيه.

الشكل الثاني: تقييد نفس مواضيع الأحكام في غير منطقة الفراغ بقيود مرنة تجعلها تختلف بحسب التطبيق الخارجي باختلاف الأحوال والملابسات: من قبيل تقييد كثير من الأحكام الإلزامية بعدم العسر والحرج، أو تقييد كثير من الأحكام بعدم الضرر، ممّا يختلف في مدى صدقه أو عدم صدقه خارجاً بحسب اختلاف الأحوال