2 ـ الحجّة:
ولكي لا تكون الثورة هامشيّة فلا تعطي ثمرتها المرجوّة، فقد كان الثائر يمتلك الوثائق الكفيلة بإضفاء المشروعيّة على هذه الثورة، وأنّها الحلّ الوحيد والخيار الذي لا بديل له.
فقد كانت الرسائل الواردة من زعماء العراق ـ ومن الكوفة خاصّة ـ من الإمام (عليه السلام) بإلحاح القدومَ إلى العراق، وكان مضمون هذه الرسائل ـ كما تنقل الروايات ـ: «أقدم على جند لك مجنّدة؛ فقد طاب الجنان واخضرّ المقام»(1).
ولا شكّ في أنّ عدم تلبية الإمام لهذه الطلبات ـ التي تقدّر على أقلّ الروايات باثني عشر ألف رسالة ـ سيلزم الإمام (عليه السلام) الحجّة في تفويته للفرصة. وبالعكس، فإنّ المجيء سيلزم الاُمّة الحجّة إن هي خانت.
والأمر الآخر هو أنّ الإمام (عليه السلام) كان أمام التهديد الاُموي إن هو لم يبايع، ولو بايع فإنّه سيعطي في مثل هذه الحالة الوثيقةَ الشرعيّةَ
(1) «فقد اخضرّ الجناب، وأينعت الثمار، وطمّت الجمام، فإذا شئت فأقدم على جند لك مجنّد». تاريخ الاُمم والملوك (الطبري) 5:353، 425 بحسب الطبعة الثانية لدار التراث ببيروت.