المولفات

المؤلفات > النهضة الحسينية

153

عقيل في حالة دفاع، ولم يكن حالة غزو أو هجوم.

يعني: إنّ الظروف اضطرّته إلى أن يقف موقف المدافع، ولو لم يبدأ بهذه العمليّة إذاً لهجم عليه عبيد الله بن زياد وهجم على شيعته وهم في البيوت. فحينما يحاول عبيد الله بن زياد أن يبدأ بالهجوم، كان على مسلم بن عقيل ـ لا بمنطق رسالته من قبل الحسين (عليه السلام)، لا بمنطق الحاكميّة والسلطان والولاية، بل بمنطق الدفاع ـ أن يبدأ بمثل هذه العمليّة كدفاع عن نفسه وعن قواعده التي التفّت حوله.

اقرؤوا رسالة الإمام الحسين (عليه السلام) التي بعثها مع قيس بن مسهّر الصيداوي إلى الكوفة، هكذا كان يقول في الرسالة: «إنّي سوف أرد إليكم قريباً، فانكمشوا على أمركم حتّى آتي»(1).

الرسالة واضحة في أنّ الإمام الحسين (عليه السلام) لم يكن قد خطّط لمسلم بن عقيل أن يملك الكوفة، وأن يسيطر على الكوفة كحاكم ووال وسلطان، يقول: «انكمشوا في أمركم»، يعني حاولوا أن تحفظوا هذا التجمّع إلى أن آتي، فكان تحويلُ هذا التجمّع إلى مجتمع، إلى سلطان، إلى دولة، كان كلّ هذا موقوفاً على دخول الحسين (عليه السلام)، ولهذا أوصى بأن ينكمشوا في أمرهم.



(1) راجع: تاريخ الاُمم والملوك (الطبري) 5:395 بحسب الطبعة الثانية لدار التراث ببيروت.