ب ـ واستجاب لذلك شبث بن ربعي. ومن هو شبث بن ربعي؟
هذا الرجل الذي عاش مع جهاد أميرالمؤمنين (عليه السلام)، هذا الرجل الذي كان يعي مدلول حرب صفّين، وكان يدرك بأنّ الإمام عليّاً (عليه السلام) في حرب صفّين يمثّل رسول الله (صلى الله عليه وآله) في غزوة بدر.
ولكنّ الدنيا، ولكنّ الانهيار النفسي، ولكنّ النَّفَسَ القصير خَنَقَه في النهاية، فذاب وتميّع، واشتدّ تميّعه بالتدريج، إلى أن وصل إلى حدٍّ أنّ عبيد الله بن زياد يبعث عليه ليقاتل الحسين ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فماذا يكون العذر؟ ماذا يكون الجواب؟
لا يملك أن يعتذر بعذر من الأعذار إلّا أن يقول: «أنا مريض»؛ يعتذر بأنّه مريض، كلمة باردة جدّاً على مستوى بروده النفسي.
ثمّ يبعث عبيد الله بن زياد إليه الرسول مرّة اُخرى، يقول: «المسألة حدّيّة، لا مرض في هذه الحالة، إمّا أن تكون معنا، وإمّا أن تكون عدوّنا».
فبمجرّد أن يتلقّى هذه الرسالة ويعرف أنّ المسألة حدّيّة يقوم شبث بن ربعي ويلبس ما كان يلبسه، ثمّ يخرج متّجهاً إلى عبيد الله بن زياد وهو يقول: «لبّيك»(1).
(1) «أمّا شبث فاعتلّ بمرض، فقال له ابن زياد: أتتمارض؟ إن كنت في طاعتنا فاخرج إلى قتال عدوّنا، فلمّا سمع شبث ذلك خرج». الأخبار الطوال: 254 بحسب طبعة منشورات الشريف الرضي بقم، والفتوح 5:89 بحسب الطبعة الاُولى لدار الأضواء ببيروت.
وكان شبث قد استجاب قبل ذلك لطلب ابن زياد في تفريق الناس عن مسلم بن عقيل. راجع: تاريخ الاُمم والملوك (الطبري) 5:369 ـ 370 بحسب الطبعة الثانية لدار التراث ببيروت.