المشهد الرابع: مغادرة بني أسد محلّ سكناهم:
حبيب بن مظاهر يستأذن من الإمام الحسين (عليه السلام) أن يذهب ويدعو عشيرته بني أسد للالتحاق بخطّ سيّد الشهداء (عليه السلام)، وكلّ المسلمين يعرفون من هو حبيب بن مظاهر، في مواقفه، وفي جهاده، في بياض تاريخه، في صفاء سيرته، وفي ورعه وتقواه.
يذهب حبيب بن مظاهر ليطلب العون والمدد من عشيرة بني أسد للإمام (عليه السلام)، وتكون النتيجة لذلك أنّ عشيرة بني أسد تغادر بأجمعها تلك الليلة المنطقة، وتنسحب هذه العشيرة انسحاباً إجماعيّاً.
فيرجع حبيب بن مظاهر ليبلّغ الإمام الحسين (عليه السلام) هذه النتيجة الغريبة، أنّ عشيرةً تخشى أن تبقى بعد اليوم، بل تخشى أن تبقى حتّى حياديّة؛ لأنّ بالإمكان أنّ عمر بن سعد لا يكتفي بهذا الحياد، فتغادر المنطقة نهائيّاً. ولم يكن جواب سيّد الشهداء (عليه السلام) على ذلك إلّا قال: «لا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم»(1).
هذا البرود، هذا السكون، هذه الهزيمة النفسيّة قبل الهزيمة الخارجيّة، هذه الهزيمة هي مرض الاُمّة الذي كان يعالجه الإمام الحسين (عليه السلام).
(1) الفتوح 5:90 ـ 91 بحسب الطبعة الاُولى لدار الأضواء ببيروت.