ومنطقيّاً وفكريّاً ـ الموقف الذي تقفه.
فالإمام الحسين (عليه السلام) في الواقع كان يريد أن يبدّل هذه الأخلاقيّة، كان يريد أن يصنع أخلاقيّةً جديدةً لهذه الاُمّة تنسجم مع القدرة على التحرّك، مع القدرة على الإرادة.
حينما كان يقول الإمام الحسين (عليه السلام): «لا أرى الحياة مع الظالمين إلّا برماً»(1) لم يكن هذا مجرّد شكوى، وإنّما كان هذا عمليّة تغيير لأجل إيجاد ـ أو لأجل الإرجاع في الواقع، لأجل إرجاع ـ هذه الأخلاقيّة الاُخرى التي فقدها الأحنف بن قيس، وفقدها كلُّ الناس الذين مشوا مع الأحنف بن قيس. هؤلاء الذين تبدّل عندهم مفهوم: وليست الحياة مع الظالمين إلّا جحيماً وشقاءً، تبدّل هذا المفهوم إلى مفهوم لزوم الحفاظ على الحياة وعلى النَّفَس الذي يصعد وينزل، مهما كان مضمون هذا النَّفَس، ومهما كانت ملابسات هذا النَّفَس.
كان لابدّ من صنع هذه الأخلاقيّة الجديدة التي تهزُّ ضمير الاُمّة وتحرّكها وتصنع لها إرادتها من جديد.
(1) تاريخ الاُمم والملوك 5:404 بحسب الطبعة الثانية لدار التراث ببيروت.