ولكنّنا نقول: فلنفترض أنّ المهر أجر للبضع إلا أنّ إيراد هذا النقض ناتج من أصل تكبير قاعدة «ما يضمن» أكثر من واقعها وحقيقتها، فهي ليست قاعدة منصوصاً عليها بالأساس لا في كتاب ولا في سنّة، وإنّما حقيقتها عبارة عن أنّ من كان تسليطه لأحد على ماله بعوض لم يهدر حرمة مال نفسه، وهنا نسأل متی کان للاستمتاع بالبغيّ احترام حتّى نرى أنّها أهدرت حرمة مالها؟!
ونقتصر في المقام على ما ذكرنا معرضين عن البحث الطويل العريض الوارد في بعض الكتب عن نقوض قاعدة «ما لا يضمن»، ومن أرادها فليراجع المطوّلات.
تبقى نقطة ينبغي الإلتفات إليها، وهي أنّه قد يتّفق أنّ العقد الأصليّ باطل وأنّه كان ذاك العقد الأصليّ على تقدير صحّته رافعاً للضمان الذي يكون مقتضيه ثابتاً وهي القاعدة العقلائيّة، فلم تنطبق على ذاك العقد الأصليّ قاعدة «ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده»، ولكن يُوجد في المقام استئمان صحيح يرفع الضمان، فنصل إلى نتيجة «ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده» عن هذا الطريق.
مثاله: ما لو آجر بيته من صبيّ عاقل أو أعاره له واشترطنا في عقد الإجارة أو العارية بلوغ المستأجر أو المستعير وكانت الشريعة قد أسقطت ضمان العين في الإجارة الصحيحة أو العارية الصحيحة بتسليط المستأجر أو المستعير على العين ولدى البطلان انتفى هذا الرافع للضمان، لكن صاحب البيت قد استأمن الصبيّ على البيت كي يقدر على الاستعارة منه، والقاعدة العقلائيّة ترى الإستئمان مُسقطاً للضمان عند التلف حتّى لو كان المستأمن عنده صبيّاً، فعن هذا الطريق نصل إلى نتيجة عدم الضمان في خصوص فرض التلف دون الإتلاف.