المولفات

المؤلفات > الاجتهاد و التقليد / بحث في التقليد

17

إلا أنّ هذا الوجه لا ينفع في تطبيق ما ثبت جوازه في الشرع من التقليد على ما هو المرتكز عقلائياً من حقيقة التقليد؛ لأنّ التنزيل المفروض إنّما ثبت بجواز التقليد، ففي الرتبة السابقة على جواز التقليد ليست الأحكام الظاهرية مشتركة بين العالم والعامي؛ لعدم تحقق شروطها في العامي، فليس الرجوع إليه رجوعاً ناتجاً من كونه خبرة، فجواز هذا التقليد أمر تعبّدي بحت، وقد فرضنا أنّ ظاهر روايات التقليد هو الإشارة إلى نفس الأمر المرتكز لدى العقلاء.

الوجه الثالث: أن يقال: إنّنا نكتشف من دليل جواز التقليد بعد ظهوره في الإشارة إلى الأمر العقلائي إطلاق الأحكام الظاهرية للعالم والعامي على حدّ سواء حتى بلحاظ ما قبل جواز التقليد، أي إنّ الحكم الظاهري الذي يكتشفه الاستنباط الصحيح المشتمل على الشروط ـ من الفحص والعلم الإجمالي واليقين السابق وما شابه ـ جعله الله حكماً ظاهرياً عاماً للناس ولوكان الحكم عقلياً وشروطه منتفية في العامي فقد جعل الله الحكم المماثل له بشأن العامي، وبما أنّ كلّ فقيه يعتقد أنّ استنباطه هو الاستنباط الصحيح فهو يعتقد أنّ الحكم الذي اكتشف مطلق يشمل العامي، فيفتي بذلك، فاكتشاف إطلاق الأحكام للعامي وإن كان في طول دليل أصل جواز التقليد في الجملة، ولكنه ليس في طول نفس جواز التقليد، فحتى الذي لا يكون مستجمعاً لشروط جواز التقليد كما لو كان فاسقاً أو يكون مؤهلاً للتقليد، ولكن صاحبه فقيه لا يجوَّز له التقليد يكون من حقه أن يفتي صاحبه بمااستنبطه من الأحكام.

وهذا الوجه وكذلك الوجه السابق لولا الإشكال الماضي يتوقّف:

أولاً: على فرض ثمرة عملية لظهور دليل التقليد في كونه إمضاء لنفس الارتكاز العقلائي حتى يكون حجة تعبّداً، أو كون هذا الظهور من الظهورات المورثة للقطع.

وثانياً: على فرض عدم وجود حلّ آخر تام بمقتضى القواعد من دون حاجة إلى استكشاف مؤونة زائدة كمؤونة هذا الوجه أو مؤونة الوجه السابق.

الوجه الرابع: ـ وهذا الوجه يكون تاماً بمقتضى القواعد، وبلا حاجة إلى أيّة مؤونة زائدة تعبدية ـ هو أنّ شروط الحكم الظاهري كلّها متوفّرة بشأن العامي؛ فإنّ تلك الشروط عبارة عن الفحص والعلم الإجمالي واليقين السابق والشك، أمّا الفحص فليس هو في واقعه مشروطاً، وإنّما الشرط هو عدم المقيّد أو المخصّص أو الحاكم أو الملزم في معرض الوصول ومَن هو من أهل الخبرة هو الذي يشخّص تحقق ذلك.