المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

511

أو مجموعياً صحيح، لكنّه بنكتة اُخرى غير ما ذكره، بيّنّاها في بحث العامّ والخاصّ. وأمّا النكتة التي ذكرها من أنّ العامّ له دلالة تضمّنيّة، فإذا سقط بعضها عن الحجّيّة بقي الباقي، فلو كانت هي النكتة لحجيّة العام في الباقي لاتّجه التفصيل بين العموم المجموعي والاستغراقي، لأنّه لو كان عموم وجوب الإكرام مثلاً استغراقيّاً فهو يدل بالتضمّن على وجوب إكرام زيد، وعلى وجوب إكرام عمرو...، وهكذا، وإذا خرج زيد بقي الباقي. وأمّا لو كان مجموعيّاً فهو يدل على وجوب واحد لإكرام الكلّ على نحو الواجب الإرتباطيّ، فيدل أيضاً بالتضمّن على وجوب إكرام زيد، لكن لا مطلق إكرامه بل خصوص إكرامه المقيّد بكونه مع إكرام الآخرين كعمر ومثلاً، وكذا الحال في دلالته على وجوب إكرام عمرو فهو يدل على وجوب إكرامه المقيّد بكونه مع إكرام زيد وغيره، وهكذا فإذا اُخرج زيد مثلاً عن العموم ولم يكرم فإكرام عمرو لا يكون إكراماً ثابتاً مع إكرام زيد ولم تكن الدلالة التضمّنيّة تقتضي وجوب إكرامه مستقلاً، إذن فيسقط العام عن الحجيّة في الباقي.

التفسير الثاني: ما ذكره المحقّق الإصفهاني(رحمه الله)(1) وهو التفصيل بين ما إذا كانت قطعات الزمان مأخوذة بنحو العموم أو كان الحكم ثابتاً على طبيعيّ الزمان بنحو الإطلاق.

توضيحه: إنّنا نفترض أن العامّ استغراقيّ في كلا الحالين فهو لبّاً ينحلّ الى عدّة أحكام، لكنّه في عالم لحاظ الحكم عند بيانه وفي مقام الإثبات يمكن أن يفترض أنّ المولى لاحظ كلّ قطعة من الزمان على نحو العموم، ويمكن أن يفترض أنّه لاحظ ثبوت طبيعي الحكم على طبيعي الإكرام في طبيعي الزمان بنحو الإطلاق، من دون لحاظ القطعات، فبحسب عالم اللحاظ والإثبات لا يدلّ إلاّ على حكم واحد، ففي الفرض الأوّل يتمسّك بالعامّ بعد انتهاء أمد التخصيص، وفي الفرض الثاني لا يتمسك به ؛ لأنّ قطعة زمان التخصيص تصبح فاصلة بين ما قبلها وما بعدها من الحكم، ونحن نعلم أنّ تخلّل العدم يساوق التعدّد، وقد افترضنا أنّ العامّ لا يدل إلاّ على حكم واحد.

وعلى هذا التفسير يتّضح ما ذكره المحقّق الخراساني (رحمه الله) في المقام من التفصيل بين ما لو كان الإخراج من المبدأ، أو المنتهى، أو من الوسط، فعلى الأوّل والثاني يتمسّك بالعامّ في الباقي دون الثالث، فهذا واضح بناءً على هذا التفسير، فإنّ تخلل العدم إنّما يكون إذا كان الإخراج من الوسط، كما أنّه بناءً على هذا التفسير لا يرد ما قلناه في التفسير الأوّل من أنّه لم


(1) راجع نهاية الدراية: ج 5 ص 218 ـ 219 حسب طبعة آل البيت.