المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

429

دليل حجيّة الأمارة شمل صدفةً اللوازم، ولسان دليل حجيّة الاُصول لم يشمل صدفة ذلك(1).

والسيّد الاُستاذ ذهب إلى روح هذا الاتّجاه، أي: أنّه ذهب إلى أنّ الفرق يجب أن يفتَّش عنه في لسان الدليل، إلاّ أنّه لم يقبل كون لسان الدليل في كلّ الأمارات مقتضياً لحجيّة المثبتات، بل قال بالتفصيل في ذلك(2).

ونحن نتكلّم في كلّ من الاتّجاهين في لسان الأصحاب، ونبيّن ضمناً ما هو تحقيق الكلام في المقام فنقول:

أمّا الاتّجاه الأوّل: فقد ذكر المحقّق النائيني (رحمه الله)(3) أنّ للعلم أربعة آثار:

1 ـ الأثر النفسي والوصفي من ثبوت الاستقرار والكمال مثلاً للنفس ونحو ذلك.

2 ـ الطريقيّة وانكشاف الواقع، وربط الإنسان به.

3 ـ تحريك الإنسان في عمله نحو الواقع.

4 ـ التنجيز والتعذير.

أمّا الأثر الأوّل فهو مختصّ بالعلم، ولا يقوم مقامه شيء آخر. وأمّا الأثر الثاني فالأمارة تقوم مقام العلم في هذا الأثر، وهذا معنى جعل الطريقية وتتميم الكشف. وأمّا الأثر الثالث فيقوم مقام العلم فيه الاُصول التنزيلية والمحرزة كالاستصحاب. وأمّا الأثر الرابع فلم يفرض (رحمه الله) قيام شيء مقام العلم فيه، ولا يرى إمكان جعل المنجّزيّة والمعذّريّة، بل ذكر أنّ الاُصول غير التنزيلية ـ أيضاً ـ تقوم مقام العلم في الأثر الثالث، إلاّ أنّ الفرق بينها وبين الاُصول التنزيلية هو أنّ الاُصول التنزيلية اُقيمت مقام العلم في الجري العملي على طبق الشيء على أنّه كأنّه الواقع تنزيلاً وتعبّداً، والاُصول غير التنزيلية اُقيمت مقام العلم في الجري العملي من دون افتراض هذا التعبّد والتنزيل.

وهذه المطالب تنقلب عند المحقق النائيني (رحمه الله) إلى اصطلاحات فحينما يطلق اصطلاح الأمارة يقصد بذلك ما أقامه الشارع مقام العلم في الأثر الثاني، وحينما يطلق اصطلاح الأصل يقصد به ما أقامه الشارع مقام العلم في الأثر الثالث. وعلى هذا الأساس يقول: إنّ


(1) راجع الكفاية ج2 ص326 ـ 329. بحسب الطبعة المشتملة في حاشيتها على تعليقات المشكيني.

(2) راجع مصباح الاصول ج3 ص155.

(3)راجع فوائد الاصول ج4 ص484 ـ 489 بحسب طبعة جماعة المدرسين بقم المشتملة على تعليقات الشيخ العراقي (رحمه الله) وأجود التقريرات ج2 ص415 ـ 417.