المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

426

والإلزاميات فلا أثر له.

3 ـ الالتفات إلى أطراف العلم الإجمالي حتّى يترتّب أثر على كلّ من الاستصحابات، فإذا لم نعلم من أحكام تلك الشريعة إلاّ حكماً واحداً مثلاً وهو حكم الجعالة الذي يستفاد ثبوتها في زمن يوسف (عليه السلام) من قصّة يوسف في القرآن مثلاً ونحن غير مطّلعين على حكم آخر، فمجرّد إجراء استصحاب بقاء حكم آخر نحن غير ملتفتين إليه لا أثر له حتّى يجري ويعارض استصحاب حكم الجعالة مثلاً.

الإشكال الثاني: ما ذكره المحقق النائيني (رحمه الله)(1) من أنّه إن فرض أنّ شريعتنا نسخت الشريعة السابقة بتمامها ثمّ شرّعت أحكاماً يطابق بعضها ما في الشرائع السابقة، ويخالف بعضها ما في تلك الشرائع، فلا مجال لاستصحاب حكم الشريعة السابقة. وإن فرض أنّه ليس الأمر هكذا، بل إنّ شريعتنا تنظر إلى كلّ واحد من تلك الأحكام السابقة فينسخه أو يمضيه، فأيضاً لا مجال لاستصحاب حكم الشريعة السابقة ؛ لأنّ غاية ما يستفاد من ذلك الاستصحاب أنّ حكم الشريعة السابقة باق حتّى الآن، ولكن حكم الشريعة السابقة لا يفيدنا، وإنّما نحن نحتاج إلى إمضائه من قبل شريعتنا، وهو لم يثبت بالاستصحاب.

وأورد على ذلك السيّد الاُستاذ بأنّ نفس استصحابه الثابت بشريعتنا معناه إمضاء شريعتنا لذلك الحكم(2).

أقول: المظنون أنّ مقصود المحقّق النائيني (رحمه الله) هو أنّ مولوّيّة موسى أو عيسى (عليهما السلام)مثلاً غير ثابتة في حقنّا، وإنّما هي ثابتة في حقّ اُمّته، فتشريعه لا ينفذ في حقّنا، وإنّما الذي ينفذ في حقّنا هو تشريع مولانا محمد(صلى الله عليه وآله)، والاستصحاب يثبت أنّ موسى أو عيسى (عليهما السلام)قد جعل هذا الحكم جعلاً مطلقاً شاملاً لنا، وهذا لا يُثبت أنّ مولانا محمداً (صلى الله عليه وآله) أمضى ذلك الحكم في شريعته، إلاّ بالملازمة العقلية، من باب أنّ النبيّ السابق لا يشرّع حكماً مطلقاً شاملاً لنا، إلاّ إذا كان الملاك والمصلحة عامّاً ثابتاً في حقّنا، فيشرّع الحكم على الإطلاق برجاء أن يُمضى من قبل نبيّنا مثلاً، وإذا كان الملاك عامّاً ـ فلا محالة ـ يُمضى من قبل نبيّنا. وهذا لا يرد عليه ما ذكره السيّد الاُستاذ.

وهذا الكلام بعد تسليم مبناه يتمّ بناءً على أنّ إمضاء نبيّنا (صلى الله عليه وآله) لكلّ حكم سابق يكون


(1) راجع فوائد الاصول ج4 ص480 بحسب طبعة جماعة المدرسين بقم وأجود والتقريرات ج2 ص415.

(2) راجع مصباح الاصول ج3 ص150.