المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

411

وقد تحصّل من تمام ما ذكرناه أنّ إشكال المحقّق النائيني(رحمه الله)بعد تطويره بما تبيّن في أثناء الكلام صحيح في ما إذا كانت الحرمة مجعولة ضمن قضية واحدة، فعندئذ لا يجري استصحاب الجعل لعدم كونه المشكوك، ولا استصحاب المجعول لأنّ استصحاب المجعول إنّما يجري في الاُفق الذي يُرى فيه المجعول، أي: في حالة يفرض تأخّرها عن غليان العنب، ولا استصحاب الملازمة لعدم ترتّب اثر عملي عليه من التنجيز والتعذير.

نعم، هنا إشكال آخر ليس مرتبطاً بإشكال المحقق النائيني(رحمه الله)يرد على كلّ تقريب يرجع إلى استصحاب القضية التعليقية، كالتقريب الذي اخترناه من أنّه إذا كان المحمول على العنب بنفسه قضية مستقلة استصحبناها، وحاصل الإشكال هو: أنّه هل يقصد بذلك ترتّب التنجيز والأثر العملي على استصحاب القضية التعليقية مباشرة؟ أويقصد ترتّبه عليه بواسطة صيرورتها تنجيزية وفعلية بحصول موضوعها خارجاً؟

فإن قصد الأوّل قلنا: إنّ التنجيز أثر للحكم الفعلي وإلاّ فما أكثر الأحكام التعليقية التي نعلم بها ولا تكون منجّزة علينا. وإن قصد الثاني كان ذلك تعويلاً على الأصل المثبت؛ لأنّ صيرورة الحكم فعلياً بوجود موضوعه أمر عقليّ.

وهذا الإشكال يستفحل لو لم نبنِ على مبنى جعل الحكم المماثل، كما لو بنيناعلى جعل الطريقية. أمّا لو بنينا على ذلك فبالإمكان أن يقال: إنّه قد ثبت حكم ظاهري مماثل بحرمة الزبيب على تقدير الغليان، وفعلية هذا الحكم الظاهري متى ما وجد موضوعه أمر قهري عقلي، فهذه من لوازم نفس الحكم الظاهري، لا من لوازم الحكم الواقعي حتى يكون إثباتها تعويلاً على الأصل المثبت.

نعم، يأتي ما مضى من الإشكال الإثباتي من أنّ إطلاق النهي عن النقض العملي لا يشمل ذلك؛ لعدم تصوّر نقض عملي له.

والتحقيق: أنّ أصل إشكال المثبتية غير صحيح، وينتقض باستصحاب بقاء الجعل عند الشكّ في النسخ، فإنّه ليس إلاّ استصحاباً لقضيّة تعليقيّة وحكم غير فعلي، فإثبات فعليته


السابق في اُفق نظر الحمل الأوّلي إلى الجعل ما دام المفروض عدم الغليان، في حين أنّ الغليان مأخوذ في ذاك الاُفق.

وهذا الإشكال ـ كماترى ـ يرد ليس على الاستصحاب التعليقي فحسب، بل حتّى على الاستصحاب التنجيزي لو اُريد إجراؤه فيما لو كان كلا القيدين مأخوذين في عرض واحد بعنوان قيد الحرام لا قيد الحرمة، أمّا إذا لم يكونا عرضيين فيرتفع الإشكال حتّى لو كان الغليان قيداً للحرمة.