المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

397

بنحو القضية الحقيقية، لا الموضوع بالمعنى الذي مضى عن صاحب المستمسك، ولكن ليس هناك برهان يقتضي كون تلك القيود مأخوذة كلّها في عرض واحد، بل قد يؤخذ قيد في موضوع تقدير القيد الآخر. فتارةً يقول: (العنب الغالي يحرم)، أو يقول: (إذا كان العصير عنباً وكان غالياً يحرم) فقيد العنبيّة والغليان يكونان في عرض واحد، ومرجع القضية الاُولى إلى القضية الثانية لرجوع القضايا الحملية إلى القضايا الشرطية كما ذكر المحقّق النائيني(رحمه الله) فحينما يقول (العنب الغالي يحرم) كأنما قال: (إذا كان عنبٌ وكان غالياً يحرم)، فكلّ من قيد العنبية وقيد الغليان مقدّر في عرض تقدير الآخر.

واُخرى يفرض أحد القيدين موضوعاً لتقدير القيد الآخر وذلك: إمّا بأن يذكر القيد الثاني بنحو القضية الشرطية المحمولة على القيد الأوّل، بأن يقول: (العنب إذا غلى يحرم) أو بأن يذكره لا بنحو الشرط، بل بنحو القيد، يجعله في قضية محمولة على القيد الأوّل بأن يقول مثلاً: (العنب يحرم الغالي منه) ففي القسم الأوّل وهو ما كان القيدان في عرض واحد لا يجري الاستصحاب، وفي القسم الثاني يجري.

وهذا التفصيل يختلف عن التفصيل بين فرض أخذ القيد الثاني بلسان القضية الشرطية وأخذه بلسان القضية الحملية الذي مضى نقله عن المستمسك، فمفروض هذا التفصيل هو إلحاق مثل قوله: (العنب يحرم الغالي منه) بقوله: (العنب الغالي يحرم) ومفروض تفصيلنا هو الحاق ذلك بقوله: (العنب إذا غلى يحرم).

وقد اختار السيّد الطباطبائي اليزدي(رحمه الله) في باب الاستصحاب التعليقي التفصيل الذي مضى عن المستمسك، أعني التفصيل بين ما لو أخذ القيد الثاني بلسان القضية الشرطية المحمولة على القيد الأوّل فقال مثلاً: (العنب إذا غلى يحرم) جرى الاستصحاب، ومتى ما اُخذ بلسان القضية الحملية لم يجرِ الاستصحاب.

وذكر في وجه ذلك: أنّه لو اُخذ القيد الثاني بلسان القضية الشرطية فهذا يعني جعل الملازمة؛ لأنّ القضية الشرطية مفادها الملازمة بين الشرط والجزاء، فتصبح الملازمة شرعية وتستصحب، ولو اُخذ بلسان القضية الحملية فهذا جعل للمحمول على الموضوع والملازمة لا تكون إلاّ عقلية انتزاعية(1).


(1) راجع رسالة السيّد الطباطبائي اليزدي(رحمه الله)في منجزات المريض المطبوعة في ملاحق تعليقته على المكاسب ص17.