المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

386

 

 

 

الاستصحاب التعليقي

 

التنبيه السادس: يقع البحث في هذا التنبيه عن الاستصحاب التعليقي، والآن يكون البحث في استصحاب الحكم التعليقي في الشبهات الحكمية. وأمّا الاستصحاب التعليقي في الموضوعات فسوف نعقد له بحثاً ضمن تنبيهات هذا التنبيه إن شاء الله تعالى.

فالشك في الحكم الشرعي يُقسَّم في اصطلاح القوم بحثياً إلى ثلاثة أقسام؛ إذ تارةً يكون الشكّ في أصل جعل الحكم بقاءً وهو الذي يسمى بالشك في النسخ واُخرى يكون الجعل معلوماً، لكن يشكّ في سعة دائرة الحكم وضيقه، واحتمال أخذ قيد فيه يضيّقه، كما إذا شكّ في أنّ النجاسة للماء المتغيّر قد اُخذت فيها فعليّة التغيّر، فتكون مخصوصة بفرض وجود التغيّر، أو المأخوذ فيها هو حدوث التغير، فتكون ثابتة بعد ارتفاعه أيضاً. وهذا هو الذي يصطلح عليه بالشبهة الحكمية. وثالثة يكون أصل الجعل ودائرته وأبعاد ما اُخذ فيه كلّ ذلك معلوماً واضحاً وإنّما الشكّ في الحكم ناجم عن عدم معلومية الصغرى الخارجية، كما إذا شكّ في أنّ هذا الماء هل تغير أو لم يتغيّر، أو هل بقي تغيّره أو لم يبقَ تغيّره، فإنّ هذا الشكّ منصبّ على الموضوع والصغرى الخارجية. وهذا هو الذي يصطلح عليه بالشبهات الموضوعية.

فأنحاء الشكّ في الحكم ثلاثة بحثيّاً. وإنّما قلنا بحثياً لأنّه ربما يبرهن على أنّ القسم الأوّل وهو الشك في النسخ يرجع بشكل وآخر إلى القسم الثاني. فلا يكون قسيماً له.

وأيّا كان فموضوع كلامنا الآن هو القسم الثاني وهو الشك في الحكم من حيث سعته وضيقه الذي يسمّى بالشبهة الحكمية، فإنّه هنا تارةً يكون الشكّ باعتبار أن المكلف يشك في اعتبار قيد زائد على قيود الحكم، كما إذا شكّ في أنّ وجوب إكرام العالم مشروط بعدالته ـ ايضاً ـ أم لا، وقد كانت كلّ القيود المتيقّنة والمشكوكة ثابتة، فكان هذا الشخص بالأمس عالماً وعادلاً أمّا اليوم فقد زالت عدالته فيحصل عنده الشك في وجوب اكرامه تبعاً لأحتمال دخل العدالة. ومثل هذا الشك الحكمي يكون الاستصحاب فيه استصحاباً تنجيزيّاً، حيث إن القضية المستصحبة تنجيزية في الحالة السابقة لا تعليقية. وطوراً تكون الخصوصيات المأخوذة في موضوع الحكم متيقنها ومشكوكها غير حاصلة كلّها سابقاً، بل حصل