المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

36

هذا، ولكنّ السيّد الاُستاذ لا يقول بأصالة عدم النسخ بقطع النظر عن دليل الاستصحاب.

الوجه الثالث: أنّ ما دلّ على المنع عن العمل بغير العلم إرشادي يدلّ على وجوب كون المبدأ في عمل المكلّف علماً، وهذا شيء مسلّم لا يرتبط بالردع عن السيرة في شيء من المقامين. وأمّا أخبار البراءة فهي لا تردع عن خبر الثقة؛ لثبوتها بخبر الثقة، ولكنه لا مانع من ردعها عن الاستصحاب.

وهذا الوجه مبنيّ على القول بكفاية عدم ثبوت الردع في حجّيّة السيرة، وعدم الحاجة الى ثبوت عدم الردع.

الوجه الرابع: أنّ السيرة في خبر الواحد ـ كما يستفاد من عبارة المحقق الخراساني(رحمه الله)(1) ـ كانت سارية إلى باب الأحكام، وعليه فنفس السيرة دليل بدرجة الاطمئنان على عدم ردع نفسها، فإنّه لو حصل الردع من أمير المؤمنين والحسن(عليهما السلام) لما استمرّت السيرة في باب الأحكام إلى زمان العسكري(عليه السلام).

نعم، لو وجد دليل قويّ في مقابل هذا الدليل يدلّ على الردع بحيث يقابل في تأثيره في النفس دلالة نفس السيرة على عدم الردع، وقع التزاحم بينهما في التأثير، وعند النتيجة لا يثبت الإمضاء، ولا يكفي لذلك مجرد عموم وإطلاق.

وأمّا في المقام فحيث إنّ السيرة لم يثبت سريانها إلى باب الأحكام، بل المظنون عدم سريانها، فهي بنفسها لا تدلّ على عدم الردع، وعندئذ لا طريق إلى استكشاف عدم الردع، لأنّ طريقه هو أن يقال: إنّه لو ردع لوصل الردع، لكن نقول في المقام: إنّه لعل نفس هذا العموم والإطلاق كان بقصد الردع.

الوجه الخامس: أنّ ارتكاز حجّيّة خبر الثقة في الأحكام عند أصحاب الأئمة ـ حتى لو قلنا بأنّه لا يكشف عن عدم الردع؛ لاحتمال ثبوت ردع لم يلتفتوا إليه ـ يوجب إجمال دليل البراءة لمورد خبر الثقة الدال على الإلزام، فنضطرّ الى الأخذ بجانب الإلزام، ومثل هذا الارتكاز لم يثبت وجوده في باب الاستصحاب.

الوجه السادس: أنّ السيرة بين الموالي والعبيد ـ بحسب عالم التنجيز والتعذير ـ ثابتة في باب خبر الثقة، وغير ثابتة في باب الاستصحاب، وعندئذ يمكن إرجاع ذلك في باب خبر


(1) راجع الكفاية: ج 2، ص 98، بحسب الطبعة المشتملة في حاشيتها على تعليقة المشكيني.