المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

355

رابعاً: إنّ المبنى المشهور والصحيح: هو أنّ الحدث الأصغر لا يرتفع بالوضوء فيما إذا اقترن بالأكبر. وبناءً عليه نقول: حتى إذا كان هنالك اجتماع لكلا الحدثين في الواقع، كما لو كان الخارج منيّاً، ولم يكن تضادّ، فالذي تعلّق به اليقين باق سواء كان هو الأصغر أو الأكبر؛ لأنّ الوضوء لا يرفع الحدث الأصغر مع وجود الأكبر.

هذا تمام الكلام في الفرع الأوّل من الفرعين.

وأمّا الفرع الثاني، وهو ما إذا علم إجمالاً بملاقاة شيء للدم أو البول، ثمّ غسل مرّة واحدة. فحصل الشكّ بارتفاع النجاسة وعدمه؛ إذ لو كانت النجاسة بوليّة فهي باقية، وإلاّ فمرتفعة، فيستصحب بقاء كلّي النجاسة الجامعة بين البوليّة والدمّيّة.

وهذا الاستصحاب لحكم النجاسة بنحو الكلّي من القسم الذي بينّا في الفرع السابق جريانه فهنا نتكلّم في أنّه هل هناك استصحاب حاكم عليه وبلامعارض أو لا؟ من هنا نعقد مقامين:

المقام الأوّل: في جريان الاستصحاب الحاكم في نفسه:

وبيان ذلك موقوف على ملاحظة الأدلّة الاجتهادية، وما جعل فيها موضوعاً للحكم بوجوب الغسلة أو الغسلتين، فنقول: إنّ الأدلّة العامّة والمطلقة قد دلّت على نجاسة كلّ شيء يلاقي النجس، وأنّ تلك النجاسة السارية ترتفع بغسلة واحدة، ثمّ جاءت روايات أُخرى قيّدت بنحو المخصّص المنفصل هذه المطلقات، وحكمت في ملاقي البول بأنّ نجاسته السارية لا ترتفع إلاّ بغلستين.

والمبنى الصحيح في مثل ذلك هو أن يحدّد موضوع المطلق بعد التقييد والتخصيص بنقيض عنوان الخاصّ، بأن يصبح مركّباً ممّا أُخذ في لسان المطلق والعام ومن عدم العنوان الخاصّ بنحو التركيب من عنوان وجودي وآخر عدمي، لا كما في الكفاية من أنّ موضوع العام بعد التخصيص يبقى وجودياً، وهو العنوان الذي لم يكن بعنوان الخاصّ من العناوين الوجودية الاُخرى. إذن فينبغي ملاحظة عنوان الخاصّ في المقام كي نفهم على ضوء فهمه موضوع العام.

فنقول: إنّ المعقول في المقام صياغتان لتحديد موضوع الخاصّ.

الأولى: أن يكون عنواناً وحدانيّاً إفراديّاً هو الملاقي للبول بنحو التقييد لا التركيب. وعلى هذا يكون نقيضه ـ أيضاً ـ عنوان عدم الملاقاة للبول، فيكون موضوع العامّ بعد التخصيص كلّ شيء لاقى النجس ولم يلاقِ البول.