المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

347

وموجباً للاحتياط بنفسه؟(1).

قد يقال في الجواب: إنّ النجاسة إن فرضت مانعة في الصلاة بنحو صرف الوجود، ويترتّب على ذلك: أنّ من اضطرّ إلى لبس شيء من النجس في الصلاة جاز له تكثير النجاسة لتحقّق هذا الوجود، ولا يفرّق بعد ذلك بين القليل والكثير، أو بنحو مطلق الوجود، فكلّ نجاسة مانع مستقلّ، ويترتّب عليه لزوم الاقتصار على قدر الاضطرار عند الاضطرار إلى لبس النجس، فعلى الأوّل تثبت المانعية باستصحاب نجاسة الجامع.

وعلى الثاني يكون الأثر للحصّة؛ إذ الأثر إذا كان بنحو مطلق الوجود رجع إلى الحكم على الحصص، فيدخل في استصحاب الفرد المردّد في الحصّة، أي: استصحاب الحصّة المردّدة.

غير أنّ الصحيح: أنّه لا يجري هذا الاستصحاب حتّى إذا بنينا على أنّ النجاسة ملحوظة بنحو صرف الوجود؛ وذلك: لأنّنا ذكرنا فيما سبق: أنّ مانعية صرف الوجود لا تكون معقولة إلاّ بأن ترجع إلى شرطية ضدّها، وهو الطهارة، وشرطية الطهارة تكون ـ لا محالة ـ بنحو مطلق الوجود حيث يجب أن تكون تمام الحصص والقطعات طاهرة فيكون الاستصحاب بلحاظها في الحصص لا في الجامع فيكون من الفرد المردد.

 

استصحاب جامع الحكمين بعد انتفاء أحدهما

الجهة الثامنة: في استصحاب الجامع بين حكمين بعد انتفاء أحدهما.

والحكمان اللذان يعلم بانتفاء أحدهما تارةً يفترض اختلافهما من حيث المتعلّق، كما لو دار الأمر بين وجوب الظهر ووجوب الجمعة، وقد سقط أحدهما بالامتثال مثلاً. وأخرى يفترض اتّحادهما في المتعلّق، كما لو دار الأمر بين وجوب الجلوس في المسجد إلى الظهر ووجوبه إلى المغرب:

فإذا اختلف الحكمان في المتعلّق فالكلام هو الكلام في استصحاب الجامع بين موضوعين بهدف تنجيز آثار الفرد، حيث يقال: إنّ استصحاب الجامع بين الحكمين إن قصد به إجراء الاستصحاب في أحدهما الثابت المعيّن عند الله، فهو من الفرد المردّد الذي يكون مقطوع الارتفاع على أحد التقديرين. وإن قصد به استصحاب الجامع لتنجيز الحكم الذي لم يقطع


(1) ويظهر الأثر العملي لذلك فيما لو فرض عدم الاطّلاع على النجاسة إلاّ بعد غسل أحد الطرفين.