المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

345

لليد بين الملاقاتين إلى ما بعد الملاقاة الثانية، وهي لا ترتفع إلاّ بنجاسة الطرف الذي تلاقيه اليد ثانياً، لا بنجاسة الجامع، ولا نقصد بهذا الاستصحاب استصحاب الطهارة الظاهرية، كي يقال بأنّ الطهارة الظاهرية تزول بعد الملاقاة الثانية وجداناً لحكومة استصحاب نجاسة الجامع عليه، بل نقصد به استصحاب الطهارة الواقعية التي أحرزها الاستصحاب ظاهراً فيما بين الملاقاتين، وذلك بأحد تخريجين:

1 ـ إنّ الطهارة الواقعية فيما بين الملاقاتين متيقّنة لنا تعبّداً وإن لم تكن متيقّنة وجداناً، فإنّ الاستصحاب قطع تعبّدي بناءً على مبنى قيامه مقام القطع الموضوعي، وقد تعلّق بها الشكّ بعد الملاقاة الثانية، فتكون أركان الاستصحاب تامّة.

2 ـ إنّنا نبني على عدم أخذ اليقين بالحدوث في الاستصحاب، بل نفس الحدوث كاف في الموضوع، كما استظهرناه من بعض الروايات، وبما أنّ هذا الركن يثبت بالاستصحاب، والركن الآخر وهو الشكّ في البقاء بعد الملاقاة الثانية محرز وجداناً فتتمّ أركان الاستصحاب ـ أيضاً ـ على هذا التخريج، ويكون جارياً. إذن فلا يكون استصحاب النجاسة المجملة في أحد الطرفين حاكماً ـ حتّى في هذه الصورة ـ على استصحاب طهارة اليد، بل يتعارضان، غير أنّ هذا البيان فيه جانبان ينبغي الالتفات إليهما:

الأوّل: أنّه هل المأخوذ في الاستصحاب هو الشكّ في الوجود في الآن الثاني، أو الشكّ في الارتفاع؟ فلو استظهرنا الثاني لم يكن في المقام استصحاب بقاء الطهارة الثابتة فيما بين الملاقاتين جارياً؛ لأنّه لا يحتمل ارتفاع تلك الطهارة التي أثبتناها بالاستصحاب فيما بين الملاقاتين على تقدير ثبوتها في هذه الصورة؛ إذ المفروض أنّ الملاقاة الثانية كانت مع الطرف المغسول والطاهر، وإنّما المحتمل هو ثبوتها في ذلك الوقت وفيما بعده، أو ارتفاعها كذلك، أمّا التفكيك فغير محتمل. إذن فاحتمال ارتفاع تلك الطهارة فيما بعد الملاقاة الثانية غير موجود حتّى يتحقّق موضوع الاستصحاب، وهو الشكّ في الارتفاع. نعم، الشكّ في أصل الوجود فلو كان المستظهر من دليل الاستصحاب أصل الشكّ في وجود المستصحب في الآن الثاني جرى الاستصحاب.

الثاني: أنّ الشكّ بعد الملاقاتين في الطهارة هو ـ في الحقيقة ـ نفس الشكّ بين الملاقاتين فيها، وليس شكّاً جديداً؛ لعدم احتمال التفكيك بين الزمانين كما قلنا. إذن فيكون هو عين الشكّ في بقاء الطهارة الثابتة قبل الملاقاتين، وقد قلنا: إنّ استصحاب الطهارة الثابتة قبل الملاقاتين محكوم بعد الملاقاتين لاستصحاب بقاء جامع النجاسة؛ لأنّه مسبّب بلحاظه.