المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

339

وهذه الصورة تلحق بالصورة الثانية فيما إذا لم يعلم فيها بوحدة المعلومين الإجماليين، أعني المعلوم دخوله والمعلوم كونه موضوعاً للحكم، فإنّه على هذا التقدير لم يحرز العلم بموضوع التكليف أصلاً، وتلحق بالصورة الثالثة فيما إذا علم بوحدة المعلومين الإجماليين، وأنّ الذي دخل المسجد على إجماله كان هو موضوع الحكم، حيث يجري فيها استصحاب الفرد المردّد، بمعنى استصحاب الجامع الانتزاعي لتكوين العلم التعبّدي بفرد ذي حكم(1).

القسم الثاني: ما إذا علمنا بأنّ أحد الفردين من زيد وعمرو خارج في الزمان الثاني عن المسجد، لكنّا كنّا نعلم بأنّ الداخل فيه في الزمان الأوّل هو زيد مثلاً الذي هو موضوع للحكم الشرعي، فهنا يجري استصحاب بقائه بعنوانه التفصيلي، وهو من استصحاب الفرد المعيّن، ولا علاقة له بباب الفرد المردّد.

القسم الثالث: ما إذا كان كلّ من الفرد الحادث والفرد القصير معلوماً بالإجمال، كما إذا علمنا إجمالاً بدخول زيد أو عمرو في المسجد في الآن الأوّل، وعلمنا بعد ذلك بوجود شخص خارج المسجد: إمّا هو زيد أو عمرو.

وهنا يجري استصحاب واقع الفرد بأن نتّخذ عنوان أحدهما الحادث مثلاً رمزاً إلى الواقع ونستصحبه، ويجري أيضاً استصحاب الجامع، بأن ننظر إلى عنوان أحدهما بوصفه جامعاً انتزاعياً لا رمزاً إلى الواقع ونستصحبه، فالاستصحاب الأوّل يجري في المقام لأنّه لا يوجد علم تفصيلي في أحد الفردين بالخروج، كي يرد: أنّ واقع الفرد محتمل الانطباق على ما نعلم بارتفاعه. وأمّا إشكال عدم اليقين بالحدوث فقد عرفنا إمكان الجواب عنه بكفاية الحدوث وحده لإجراء الاستصحاب. والاستصحاب الثاني ـ أيضاً ـ يجري في المقام لترتيب آثار الفرد بناءً على ما استفدنا من بعض الروايات من الأمر بالجري العملي وفق ما كان يتطلّبه اليقين(2).

 


(1) قد عرفت منّا عدم جريان الاستصحاب، لا في الصورة الثانية ولا في الصورة الثالثة، فهذه الصورة الرابعة ـ أيضاً ـ لا يجري الاستصحاب فيها، سواءٌ ما يلحق منها بالصورة الثانية وما يلحق منها بالصورة الثالثة.

(2) ولا يرد عليه شيء من الإشكالين اللذين مضى إيرادهما على استصحاب الجامع لترتيب آثار الفرد في الصورة الأولى:

أمّا الإشكال الأوّل وهو عدم قابليّة أحد الطرفين للتنجيز، فواضع؛ لعدم القطع الوجداني التفصيلي بانتفاء أيّ واحد من الحكمين، فكلاهما قابل للتنجيز.

وأمّا الإشكال الثاني وهو جريان الأصل المؤمّن عن أحد الحكمين بلا معارض، فأيضاً واضح؛ لأنّنا سواء