المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

335

أقسام استصحاب الفرد المردّد بين القصير والطويل

الجهة الثالثة: في أقسام استصحاب الفرد المردّد بين القصير والطويل، وصور كلّ قسم منه، وحكم كلّ صورة من حيث جريان الاستصحاب فيه وعدم جريانه.

ونقصد باستصحاب الفرد الاستصحاب الذي يُجرى لهدف إثبات آثار الفرد سواءً كان استصحاباً لواقع الفرد، أو استصحاباً للجامع بين الفردين بهدف تنجيز أثر الفرد. ونجري التقسيم في ذلك:

أوّلاً: بلحاظ علمنا بحدوث أحد الفردين، وعلمنا بكون أحدهما قصيراً، فبملاحظة هذين الأمرين نستخلص أقساماً ثلاثة: واحد منها أجنبيّ عن باب الفرد المردّد، وأثنان منها مرتبطان بهذا الباب:

 


والآن قد تعارضا، وهنا لا تجري نكتة الحكومة فيتعارض الاستصحاب والبراءة، ويتساقطان.

والثاني: افتراض استصحاب الجامع الموجب للعلم الإجمالي التعبّدي بالتكليف، والبراءة عن الفرد الطويل، فهما يتعارضان بناءً على علّيّة العلم الإجمالي لتنجيز الموافقة القطعية، وقد ورد في المتن أنّ نكتة الحكومة غير موجودة هنا.

ولكن قد يدّعى في المقام ثبوت نكتة الحكومة. وتوضيح ذلك: أنّ نكتة الحكومة المفترضة للاستصحاب على البراءة لدى وحدة المصبّ هي: أنّ البراءة حدّد جعلها بفرض الشكّ، والاستصحاب يرفع الشكّ: إمّا وفق مسلك التنزيل، أو وفق مسلك الاعتبار، ومن الواضح أنّه بناءً على علّيّة العلم الإجمالي للتنجيز يكون جعل البراءة محدّداً ـ أيضاً ـ بعدم العلم الإجمالي بالجامع، والاستصحاب يرفع هذا العدم: إمّا وفق مسلك التنزيل، أو وفق مسلك الاعتبار، فلا فرق إذن بين الاستصحاب الذي يكون مصبّه هو مصبّ البراءة، والاستصحاب الذي يكون مصبّه الجامع.

والصحيح في المقام هو التفصيل بين فرض دعوى الحكومة على أساس التنزيل ودعواها على أساس مسلك الاعتبار القائل بأنّ جعل شيء علماً بالاعتبار يخلق له نفس الأثار العقلية من التنجيز والتعذير:

فلو قلنا بالحكومة على أساس التنزيل لم يبقَ فرق بين الإستصحاب الجاري في مورد البراءة والاستصحاب الجاري في الجامع؛ لما مضى من أنّ البراءة كما هي محدّدة بعدم العلم بموردها كذلك هي محدّدة بعدم العلم بالجامع، لفرض الإيمان بالعلّيّة، وقد نزّل الاستصحاب منزلة العلم.

ولو قلنا بالحكومة على أساس الاعتبار فبالإمكان التفصيل بين المقامين؛ وذلك لأنّ تقيّد البراءة بعدم العلم بالتكليف في موردها ثابت في نفس لسان دليل البراءة، وهو قوله:«رفع ما لا يعلمون»، فليس دليل البراءة قادراً على نفي حدّها، وهو العلم، فدليل الاستصحاب الخالق للعلم يكون حاكماً عليه، ولكن تقيّد البراءة بعدم العلم بالجامع ليس إلاّ بدليل العقل الحاكم بعلّيّة العلم الإجمالي للتنجيز، فدليل البراءة ينفي هذا العلم بناءً على ما هو الحقّ من جواز التمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقية للمخصّص اللّبّي في مثل المقام، فيقع التعارض بين البراءة والاستصحاب.