المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

334

بما هو عنوان مشير)، ولكن نرتّب على ذلك تنجيز أثر واقع الفرد، وهذا سنخ ما مضى منّا في الجهة الثالثة من الصورة الاُولى، من أنّنا نستصحب الجامع لتنجيز وترتيب آثار الفرد بناءً على أنّ الاستصحاب يعبّدنا وفق ما يتطلّبه اليقين من الجري، واليقين بالجامع يتطلّب منّا الجري وفق الآثار الإلزامية لكلا الفردين، فالاستصحاب ـ أيضاً ـ يحلّ محلّ اليقين في ذلك، فلنقل في المقام أيضاً: إنّ استصحاب الجامع علم إجماليّ تعبّدي ينجّز آثار الأفراد المحتملة.

إلاّ أنّ هذا ـ أيضاً ـ باطل في المقام لأمرين:

أوّلاً: ما اتّضح ممّا مضى من أنّ هذا يعني التعبّد بالجامع بين ما يقبل التنجيز وما لا يقبل التنجيز؛ لأنّ الفرد القصير بعد العلم بانتهائه لا يقبل التنجيز.

وثانياً: بعد التنزّل عن الإشكال الأوّل، وافتراض أنّ التعبّد بالجامع بين فردين أحدهما غير قابل للتنجيز يوجب تنجيز الفرد الآخر، نقول: إنّ هذا العلم الإجمالي التعبّدي في المقام لا يكفي لتنجيز الفرد الطويل الذي لم نقطع بارتفاعه؛ لأنّنا إمّا أن نبني في تنجيز العلم الإجمالي على الاقتضاء أو على العلّيّة:

فإن بنينا على الاقتضاء فلا تنجيز لهذا العلم الإجمالي التعبّدي؛ وذلك لجريان الأصل المؤمّن كاستصحاب العدم، أو البراءة عن الفرد الطويل الذي هو طرف لهذا العلم الإجمالي. ولا معارض له حتّى يسقط بالتعارض؛ لأنّ الفرد القصير لا يجري فيه الأصل بعد العلم بارتفاعه.

وإن بنينا على العلّيّة قلنا: إنّ هذا العلم الإجمالي لمّا لم يكن علماً إجمالياً وجدانياً، بل كان وليداً للتعبّد الاستصحابي، فهذا الاستصحاب الذي شكّل هذا العلم الإجمالي التنزيلي معارض بالأصل العمليّ المؤمّن عن الفرد الطويل؛ لأنّ التعبّد الاستصحابي بالعلم بالجامع يريد تنجيز هذا الفرد، واستصحاب عدم هذا الفرد أو البراءة عنه يقتضي التأمين عنه، واستصحاب الجامع لا يكون حاكماً على البراءة عن الفرد بناءً على مباني الحكومة؛ لأنّ تلك المباني إنّما تكون فيما إذا كان مصبّ الاستصحاب والبراءة واحداً. وهنا مصبّ الاستصحاب هو الجامع، ومصبّ البراءة هو الفرد(1).

 


(1) إنّ تعدّد مصبّ الاستصحاب والبراءة مع التعارض بينهما يكون بنحوين:

الأوّل: افتراض الاستصحاب النافي للتكليف في أحد طرفي العلم الإجمالي، والبراءة في الطرف الآخر، فكلّ منهما لو كان وحده كان جارياً بناءً على كون تنجيز العلم الإجمالي لوجوب الموافقة القطعية بالاقتضاء لا بالعلّيّة،