المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

333

فبعد فرض حلّ مشكلة اليقين السابق: إمّا بإنكار ركنيّة اليقين، أو بدعوى تعلّق العلم الإجمالي بالواقع، كنّا نثبت قضيتين شرطيّتين ببركة الاستصحاب، أي: كنّا نقول: إنْ كان الحادث هو زيداً فاستصحاب الفرد الواقع المعيّن عند الله المردّد عندنا قد حكم ببقائه، وإن كان الحادث هو عمراً فذاك الاستصحاب قد حكم ببقائه، وبما أنّنا نعلم إجمالاً بصدق أحد الشرطين، كان يحصل لنا العلم الإجمالي بأحد الجزاءين، وآثاره الشرعية، وكان هذا العلم الإجمالي منجِّزاً. أمّا في ما نحن فيه فأحد الفردين مقطوع الارتفاع، فلا يمكن إجراء الاستصحاب بشأنه على تقدير حدوثه. وأمّا الفرد الآخر فإن قصد باستصحابه ـ مع فرض الشكّ في بقائه على تقدير الحدوث دون القطع به ـ إثبات أثره بالخصوص، فهذا غير ممكن؛ لأنّه ليس مقطوع الحدوث بالتفصيل، فموضوع الاستصحاب سواء كان هو اليقين أو هو الحدوث غير محرز. وإن قصد باستصحابه على تقدير الحدوث تكوين العلم الإجمالي، كما في الصورة الاُولى، فالعِدل الآخر للعلم الإجمالي مفقود، وهو استصحاب الفرد الأوّل؛ للقطع بانتهائه حسب الفرض، فلا يتكوّن لدينا علم إجمالي.

ج ـ لو غضّ النظر عمّا سبق من عدم الشكّ في البقاء على كلّ تقدير، وتخيّل أنّ الشكّ في البقاء بلحاظ عنوان ما حدث، ولو باعتبار تردّد ما حدث بين مقطوع الارتفاع وغيره كاف في انحفاظ الركن الثاني للاستصحاب بلحاظ واقع ما حدث، قلنا: إنّ هذا الاستصحاب لا يجدي شيئاً في المقام لعيب آخر، وهو: أنّ غاية ما يمكن أن يقال في المقام هو: إنّه يتكوّن لنا علم إجماليّ بأحد استصحابين ظاهريين: إمّا استصحاب الفرد القصير، وإمّا استصحاب الفرد الآخر ـ ولنفترض أنّنا لم نقطع ببقاء الفرد الآخر على تقدير حدوثه ـ إلاّ أنّ هذا العلم الإجمالي المفترض لا قيمة له؛ لأنّ أحد الاستصحابين غير قابل للتنجيز، وهو استصحاب الفرد القصير؛ لأنّ المفروض العلم الوجداني بانتهاء الفرد القصير وانتهاء حكمه. فهذا العلم الإجمالي ليس علماً إجمالياً بحكم قابل للتنجيز، وبكلمة اُخرى: لو فرض محالاً العلم الإجمالي الوجداني بأحد حكمين مع العلم التفصيلي بعدم الفرد القصير منهما، لما كان هذا العلم الإجمالي منجِّزاً، فكيف يكون العلم الإجمالي التعبّدي والمنزّل منزلة مثل هذا العلم الإجمالي منجزاً عقلاً؟!

هذا كلّه مناقشتنا لاستصحاب واقع الفرد، بأن نشير إلى واقع الحادث المعيّن عند الله المردّد عندنا بعنوان مشير.

وقد يفترض أنّنا نجعل مصبّ الاستصحاب العنوان الانتزاعي، كعنوان أحدهما بذاته(لا