المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

33

 

 

 

حجّيّة الاستصحاب على أساس السيرة العقلائية:

 

الدليل الثاني: قيام السيرة العقلائية على البناء على بقاء الحالة السابقة، بل استشهد بعض بثبوت السيرة عند البشر و الحيوانات.

وقد ناقش في السيرة السيّد الاُستاذ وغيره بأنّ ما يرى من البناء على الحالة السابقة من قبل العقلاء ليس على أساس الحالة السابقة والاستصحاب، وإنّما هو لاُمور اُخرى إتّفاقيّة كثبوت الإطمئنان بالبقاء أحياناً، أو الظن به اُخرى، أو كون ذلك جرياً على الرجاء والاحتياط ثالثةً، أو كونه من باب الغفلة وعدم الالتفات رابعةً(1).

ولكنّ الصحيح ما مضى من أنّ هذه السيرة موجودة في الجملة على أساس الوهم واُنس الذهن بالحالة السابقة، ونفس ما ذكروه من الغفلة يكون منشأها عادةً هو ذاك الوهم، والجري على وفق الظنّ بالحالة السابقة يكون في كثير من الأحيان في موارد لا يكتفون بالظنّ، لكن يؤثّر ضمناً ذاك الوهم الذي يوجب نوعاً من سكون النفس وعدم الاضطراب، ويشهد لهذه السيرة ذكر كثير من العلماء لها، حتى إنّه قيل: لولا هذه السيرة والبناء على الحالة السابقة لاختلّ نظام المعاش، وهو كذلك في الجملة، فكثير من الاُمور يمشي ببركة هذه الغفلة والوهم المانع من الاحتياط واضطراب النفس.

وبعد، فالكلام في المقام تارةً يقع في الصغرى وهي فرض سيرة يكشف عدم الردع عنها عن الإمضاء(2)، واُخرى يقع في الكبرى وهي عدم الردع.

أمّا الكلام في الصغرى فافتراض سيرة يكون عدم الردع عنها دليل الإمضاء يُتصور


(1) راجع مصباح الاصول: ج 3، ص 11.

(2) في كون عدم الردع دليلاً على الإمضاء في المقام إشكال، وهو: أنّ من المحتمل أن تكون الأغراض الواقعيّة نسبتها إلى جعل البراءة وجعل الاستصحاب على حدّ سواء، وأن يكون المولى قد جعل البراءة لكنه لم يهتمّ بإيصال ذلك الى العبيد، باعتبار أنّ ما يصنعه العبيد ليس بأسوأ حالاً من فرض التمسّك بالبراءة؛ لأنّ انحفاظ الغرض الحقيقي بعد الردع وقبله يكون بدرجة واحدة.

وقد أجاب اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) على ذلك بأنّ الإمام(عليه السلام) يهتمّ بإيصال الأحكام مطلقاً، فلو كان الحكم هو البراءة لردع عن الاستصحاب ولو فرض أنّ نسبة الملاك الواقعي إليهما كانت على حدّ سواء.