المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

300

كان ذلك ممكناً.

على أنّ هذا ينافي ما مضى منه(قدس سره) من تصحيح استعمال كلمة(النقض) في المقام بالاستحكام الموجود في اليقين، فإنّه بناءً على كونه مأخوذاً بنحو المعنى الحرفي والمرآتية، ويكون النظر إلى ذات المتيقّن، لا يفيدنا الاستحكام الموجود في اليقين.

هذا. ولا أدري لماذا لم يتمسّك(رحمه الله) لإثبات مقصوده من عدم أخذ اليقين في موضوع الاستصحاب بروايات أصالة الطهارة والحلّ التي ذهب إلى تمامية دلالتها على الاستصحاب، وقد اُخذت فيها الحالة السابقة، لا اليقين بها، كما أنّ صحيحة عبدالله بن سنان التي تمّت دلالتها عندنا لم يؤخذ فيها إلاّ نفس الحالة السابقة، لااليقين بها.

وعليه، فبحسب النتيجة: ما أفاده(رحمه الله) من كون اليقين غير مأخوذ في الاستصحاب، وأنّه إنّما اُخذ في الاستصحاب نفس الحدوث صحيح ثبوتاً وإثباتاً.

وأمّا ما يستفاد من كلامه(قدس سره) بعد الترقّي، فقد مضى أنّ فيه احتمالين:

الاحتمال الأوّل: أنّ الحدوث اُخذ في لسان الدليل من باب أنّه مع الحدوث يتصوّر الشكّ في البقاء.

وفيه: أنّه إن قصد بالشكّ في البقاء احتمال الوجود بعد الوجود، والعدم بعد الوجود مشروطاً بأن لايحتمل مع ذلك العدم بعد العدم، إذن فالدخيل في صدق الشكّ في البقاء ليس هو الحدوث الواقعي، بل اليقين بالحدوث، فلماذا فرض(قدس سره) أنّ اليقين اُخذ في الكلام مرآة إلى نفس الحدوث، وأنّه قصد ـ في الحقيقة ـ الحدوث، لا ذات اليقين، وأنت ترى أنّ مجرّد الحدوث بوجوده الواقعي لا ينفي احتمال العدم بعد العدم، وإنّما ينفى ذلك باليقين بالحدوث؟! ويلزم من ذلك عدم جريان الاستصحاب في المقام، وهو فرض ثبوت الحدوث بالأمارة؛ لأنّ احتمال العدم بعد العدم موجود، مع أنّ مقصوده(قدس سره) هو إثبات جرايان الاستصحاب في مورد ثبوت الحالة السابقة بالأمارة.

وإن قصد بالشكّ في البقاء مطلق احتمال الوجود بعد الوجود والعدم بعد الوجود، سواء إحتمل ـ أيضاً ـ العدم بعد العدم أو لا، إذن فالدخيل في صدق الشكّ في البقاء ليس هو الحدوث الواقعي، بل هو احتمال الحدوث، فقد لا يكون الحدوث ثابتاً في الواقع، لكنّ الشخص يحتمل الحدوث، ويحتمل ـ أيضاً ـ الوجود بعد الوجود والعدم بعد الوجود، كما يحتمل العدم بعد العدم. وبناءً على هذا يلزم جريان الاستصحاب بمجرّد احتمال الحدوث. وهذا ما لا يلتزم هو(قدس سره) ولا غيره به.