المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

295

الإيمان بكفاية أثر الاستصحاب في جريانه رغم عدم الأثر للمستصحب.

ويمكن أن يذكر كمثال لهذه الثمرة استصحاب الطهارة الخبثية بناءً على كونها موضوعاً بوجودها الواقعي لصحّة الصلاة، فلو تيقّن أحد بطهارة ثوبه ثمّ غفل وكان بحيث لو التفت لشكّ في بقاء طهارته، وصلّى في ذلك الثوب، ثمّ حصل له العلم بعد الصلاة بأنّ ثوبه كان نجساً، فأثر هذا الاستصحاب رغم عدم وصوله حال الصلاة وانتهاء أمده بعد الصلاة أنّه يحكم بصحّة صلاته؛ لأنّها وقعت في ثوب محكوم بالطهارة الظاهرية، وقد فرضنا أنّ الطهارة الظاهرية موضوع للصحّة الواقعية حتّى لدى فرض عدم وصولها.

إلاّ أنّ الواقع: أنّ هذه الثمرة ثمرة فرضيّة لا واقع لها في الفقه. وهذا المثال الذي ذكرناه ليس واقعياً؛ لأنّ الطهارة الظاهرية ليست هي المصحّحة للصلاة، بل عدم العلم بالنجاسة كاف في صحّة الصلاة سواءً فرض جريان استصحاب الطهارة، أو لا.

هذا تمام الكلام في كفاية الشكّ التقديري في جريان الاستصحاب وعدمه.

 

جريان الاستصحاب مع اليقين التقديري

وهنا ننتقل الى الركن الآخر للاستصحاب وهو اليقين لنرى هل المأخوذ في موضوع الاستصحاب هو اليقين الفعليّ، أو الجامع بين اليقين الفعليّ والتقديريّ. وهنا يوجد بحثان:

الأوّل: في أصل كون اليقين مأخوذاً في موضوع الاستصحاب وعدمه.

والثاني: ما تصل النوبة إليه لو سلّم في البحث الأوّل كون اليقين مأخوذاً في موضوع الاستصحاب، وهو ما ذكرناه من أنّه هل الموضوع هو اليقين الفعلي، أو الجامع بين اليقين الفعليّ والتقديريّ.

أمّا البحث الأوّل، فهو يختلف باختلاف روايات الاستصحاب، فلو اقتصرنا على مثل الصحيحة الاُولى ممّا عبّر فيه بعنوان عدم نقض اليقين بالشكّ، فقد اُخذ في ذلك اليقين، وحمله على مجرّد الطريقية، وأنّ المقصود هو نفس الحالة السابقة خلاف الظاهر؛ فإنّ الظاهر من أخذ كلّ شيء في لسان الدليل هو دخل ذات ذلك الشيء في الحكم، ولكن لو بنينا على ما بنى عليه المحقّق الخراساني(رحمه الله) من دلالة أخبار أصالة الحلّ والطهارة ـ أيضاً ـ على الاستصحاب، ففي تلك الأخبار لم يؤخذ اليقين السابق، وإنّما اُخذت الحالة السابقة وهي الحلّية، أو الطهارة، وكذلك لو بنينا على ما هو الصحيح من تمامية الاستدلال بصحيحة عبدالله بن سنان التي تقول:«لأنّك أعرته إيّاه وهو طاهر، ولم تستيقن أنّه نجّسه» فإنّه لم