المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

274

ذهب إليه الشيخ الأعظم(قدس سره) من أنّ المقصود بالنقض في دليل الاستصحاب هو نقض المتيقّن، فلا يوجد رجاء معتدّ به في إثبات قيام الاستصحاب مقام العلم الموضوعي.

وتوضيح ذلك: أنّه تارة يفرض أنّ المراد الاستعمالي من النهي في لا تنقض اليقين(بمعنى لا تنقض المتيقّن) هو النهي عن النقض الحقيقي للمتيقّن، واُخرى يفرض أنّه هو النهي عن النقض العملي له، فإن فرض الأوّل، فبما أنّ نقض المتيقّن ليس مقدوراً واختياريّاً يكون المراد الجدّي من هذا النهي هو الإرشاد إلى عدم انتقاض المتيقّن، من قبيل إرشاديّة قوله:«دعي الصلاة أيّام أقرائك» الى البطلان بناءً على عدم كونه تحريماً للصلاة حرمة تكليفيّة، وبما أنّ انتقاض المتيقّن قد يكون ثابتاً في الواقع فالمقصود من ذلك هو عدم الانتقاض، وبقاء الواقع تعبدّاً وتنزيلاً، وبكلمة اُخرى: يكون المقصود إنشاء عدم الانتقاض والتعبّدية، وهذا كما ترى إنّما يوجب ترتيب آثار الواقع دون آثار العلم الموضوعي.

وإن فرض الثاني وهو النهي عن النقض العملي، فهنا بالإمكان فرض كون المراد الجدّي ـ أيضاً ـ هو النهي؛ لأنّ النقض العملي يكون داخلاً تحت الاختيار، فإن حملت العبارة على ذلك فهي إنّما تدلّ ـ كما ترى ـ على حرمة عدم ترتيب آثار المتيقّن، ولا ربط لها بالعلم الموضوعي وآثاره، وبالإمكان فرض هذا النهي ـ أيضاً ـ كنائياً كما كان يفرض كنائياً بناءً على الأوّل، إلاّ أنّ الكناية هنا أطول مسافةً منها هناك؛ إذ أنّه هناك كان النهي عن نقض المتيقّن كناية عن عدم انتفاضه، وهنا يكون النهي عن لازم ذلك كناية عن عدم الملزوم، فإنّ انتقاض المتيقّن لازمه النقض العملي، فقد نهى عن اللازم كناية عن عدم الملزوم، بينما كان على الأوّل ينهى عن نفس الملزوم كنايةً عن عدمه، وعلى أيّ حال فقد أصبح المراد الجدّي ـ أيضاً ـ هو التعبّد ببقاء الواقع، وهذا إنّما يوجب ترتيب آثار الواقع، ولا علاقة له بالعلم الموضوعي وآثاره.

فقد تحصّل أنّ الشيخ الأعظم(قدس سره) ومن يحذو حذوه في حمل النقض في الحديث على نقض المتيقّن ليس من حقّه الذهاب إلى قيام الاستصحاب مقام القطع الموضوعي، وحكومته على البراءة، وحكومة الاستصحاب السببي على الاستصحاب المسبّبي بالتقريب المشهور عندهم، وإنّما ينفتح باب البحث عن ذلك بنحو معتدّ به بناءً على ما ذهبنا إليه من حمل النقض على نقض اليقين.

هذا. والهدف هنا من البحث هو البحث عن التقريبات المنسجمة مع قيام الاستصحاب