المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

243

تستيقن أنّه نجّسه». فهذا الحديث ـ أيضاً ـ غير مشتمل على كلمة(النقض) وشبهها، فيمكن الاستدلال به على حجّيّة الاستصحاب في موارد الشكّ في المقتضي، إلاّ أنّه يمكن المناقشة في ذلك بأنّه(عليه السلام) عبّر بقوله:«ولم تستيقن أنّه نجّسه» وبقوله:«حتّى تستيقن أنّه نجّسه» فخصوصيّة كون الشكّ في الرافع موجودة في الكلام، وليست هذه الخصوصيّة من الخصوصيّات التي يلغيها العرف ويحملها على المثاليّة.

وعلى أيّة حال، ففيما عرفت من عدم صحّة أصل الاستشكال في الشكّ في المقتضي بواسطة كلمة(النقض) غنىً وكفاية.

وقد تحصّل بكلّ ما ذكرناه: أنّ الاستصحاب حجّة مطلقاً، من دون تفصيل بين الشبهات الحكميّة والموضوعيّة، ومن دون تفصيل بين الحكم المستفاد عن طريق الدليل اللفظي والحكم المستفاد عن طريق الدليل العقلي، ومن دون تفصيل بين موارد الشكّ في الرافع وموارد الشكّ في المقتضي(1).

 


(1)

التفصيل بين الأحكام التكليفية والوضعية:

وقع هناك حديث في التفصيل بين الأحكام التكليفية والأحكام الوضعية، بأن يقال: إنّ الاستصحاب في الأحكام التكليفية يجري، ولكنّه في الأحكام الوضعية أو بعضها لا يجري، وتعارف لدى الأصحاب أن بحثوا بهذه المناسبة أصل حقيقة الحكم الوضعي قبل أن يبحثوا: أنّ الاستصحاب يجري فيه أو لا يجري، فوقع هذا البحث في الرسائل والكفاية وبحث الشيخ النائيني، وكذلك في بحث السيّد الخوئي(رحمه الله) وإن كان السيّد الاُستاذ(رحمه الله) طوى هذا البحث في بحثه الخارج، وذكره مختصراً في الجزء الأوّل من الحلقة الثالثة.

حقيقة الحكم الوضعي:

الحكم التكليفي والحكم الوضعي كلاهما يشتركان في أنهما تشريع أو ما يشبه التشريع، وأقصد بما يشبه التشريع: الانتزاع من التشريع كما قد يقال بذلك في بعض الأحكام الوضعية، أو مجرّد الإرادة والكراهة المولوّيتين على ما يقول البعض في الأحكام التكليفية من أنّ روحها وحقيقتها إنّما هي الإرادة والحبّ، أو الكراهة والبغض، فبشكل عامّ ومع شيء من المسامحة ـ كي لا يشذّ عن حسابنا رأي يقول في الأحكام التكليفيّة: إنّها الإرادة والكراهة، ولا يشذّ عن حسابنا بعض الأحكام الوضعيّة الانتزاعيّة ـ نقول: الحكم تشريع، والتشريعات الإلهيّة هي الأحكام، والأحكام هي التشريعات، والتشريعات على قسمين: التشريعات التكليفية والتشريعات الوضعية.