المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

726

المقام؛ إذ بدون المنجّز لا يصحّ العقاب وتستحكم قاعدة قبح العقاب بلا بيان، فلا يعقل الإجماع أو الضرورة على عدم جواز الترك، والمفروض أنّ هذا المنجّز ليس هو العلم الإجماليّ؛ لأنّنا فرضنا أنّ الإجماع والضرورة قاما على عدم جواز الترك بقطع النظر عن العلم الإجماليّ، عندئذ نقول: إنّ هذا المنجّز الشرعيّ يحلّ العلم الإجماليّ لا محالة ولا يبقى مانع عن جريان البراءة في غير دائرة ذاك المنجّز.

والتحقيق: أنّ هذا الكلام لا يمكن المساعدة عليه، فإنّه إن أراد بذلك كون هذا المنجّز موجباً لحلّ العلم الإجماليّ بقطع النظر عن ضمّ باقي المقدّمات إلى هذه المقدّمة واستنتاج حجّيّة الظنّ منها، قلنا: إنّ مجرّد قيام الإجماع والضرورة على عدم جواز الترك التامّ لا يوجب انحلال العلم الإجماليّ؛ لأنّ مصبّ الإجماع أو الضرورة إنّما هو فرض الجمع بين التروك لا ترك طائفة خاصّة، فالمنجّز الذي يكشف عنه هذا الإجماع أو الضرورة ليس هو منجّزاً تعيينيّاً لبعض الأطراف، بل هو مردّد بين المنجّز التعيينيّ والمنجّز التخييريّ، وإذا تردّد الأمر بينهما فالقدر المتيقّن هو التخييريّ، والتعيين مؤونة زائدة باقية تحت قبح العقاب بلا بيان، وإذا كان المنجّز منجّزاً على سبيل التخيير والترديد بين الأطراف لم يكن مجال لتوهّم حلّ العلم الإجماليّ الترديديّ بذلك، فإنّ الترديديّ لا يحلّ بترديديّ آخر مثله.

وإن أراد بذلك أنّه بعد أن يضمّ هذا الإجماع والضرورة إلى سائر المقدّمات وتستنتج منها حجّيّة الظنّ، فحجّيّة الظنّ تحلّ العلم الإجماليّ ولا يبقى مانع من جريان البراءة في باقي الأطراف، قلنا ـ بقطع النظر عن عدم إمكان ضمّ ذلك إلى باقي المقدّمات، واستنتاج حجّيّة النظر منها على ما سيأتي إن شاء الله في المقام الثاني ـ: إنّه لم يتعلّق للانسداديّ غرض بإبطال جريان البراءة بعد إثبات حجّيّة الظنّ، وإنّما تعلّق غرضه بإبطال جريان البراءة بقطع النظر عن حجّيّة الظنّ وفي الرتبة السابقة عليها حتّى يثبت بذلك حجّيّة الظنّ، ومن الواضح أنّه في المرتبة