الذي فرض سقوطه(1).
إن قلت: إنّنا كما نعلم إجمالاً بسقوط الإطلاق في أحد الموهومين كذلك نعلم إجمالاً بسقوط الإطلاق في الموهوم من حقوق الله، أو في المظنون من حقوق الناس، ونعلم إجمالاً بسقوط الإطلاق في الموهوم من حقوق الناس، أو في المظنون من حقوق الله؛ لأنّ المفروض أنّ سقوط الإطلاق في أحد الموهومين لا يكفي لرفع العسر والحرج، فإمّا أنّ إطلاق الموهوم الآخر أيضاً ساقط، أو أنّ إطلاق الموهوم الآخر غير ساقط لأهمّـيّته بدرجة مانعة عن سقوط إطلاقه، وهذا يستلزم عدم سقوط مظنونه أيضاً، وتعيّن السقوط في مظنون الآخر، فالإطلاق في الموهوم من كلّ واحد من القسمين يعارض الإطلاق في المظنون من القسم الآخر، فلا وجه لفرض الأخذ بالمظنونين بعد إسقاط الموهومين، فإنّ كلّ واحد
(1) قد يقصد من يتمسّك بإطلاق القسم الآخر بعنوان (القسم الآخر) أن يحقّق بهذا معارضاً لأحد قسمي المظنونات، كي يتساقطا وبالتالي يتمّ التخيير بين الموهومات والمظنونات، فإن كان هذا هو المقصود لم يكف لدفعه القول بأنّ الإطلاق في القسم الآخر بهذا العنوان لا يولّد علماً تفصيليّاً ولا إجماليّاً، فلا أثر له فلا يكون حجّة؛ وذلك لأنّ التعارض مع أحد قسمي المظنونات بمعنى التكاذب ليس فرع الحجّيّة، وإذا حصل التكاذب قبل الحجّيّة وكان أحد المتكاذبين يثبت أثراً شرعيّاً فلا محالة المتكاذب الآخر ينفيه، وكانت نسبة دليل الحجّيّة إلى المتكاذبين على حدّ سواء، فيدور الأمر بين حجّيّة الموهومات وحجّيّة المظنونات، فيتعارضان ويتساقطان. والجواب عندئذ أن يقال: إنّ هذا التقريب يؤدّي إلى سقوط أحد قسمي المظنونات، ولا يؤدّي إلى سقوط كلا قسميها؛ لعدم تكاذب بين المظنونات بقسميها، فيبقى أحد قسمي المظنونات غير المعيّن حجّة، ولأجل العلم الإجماليّ بحجّيّة أحد القسمين نضطرّ أن نعمل بالمظنونات جميعاً، ونطبّق رفع العسر والحرج على ترك الموهومات.