شرب أحدهما وكان أحدهما مظنون النجاسة والآخر موهوم النجاسة، فالتقييد المفروض في المقام لرفع العسر والحرج يتصوّر بأحد وجوه ثلاثة: فإمّا أن تقيّد الحرمة في أيّ منهما كانت بفرض شرب الآخر، أو تقيّد الحرمة على تقدير كونها في الموهوم بفرض شرب المظنون، أمّا على تقدير كونها في المظنون فتبقى على إطلاقها، أو بالعكس بأن تقيّد الحرمة على تقدير كونها في المظنون بفرض شرب الموهوم، ولو كانت في الموهوم تبقى على إطلاقها. فعلى الأوّل يتخيّر في شرب أحدهما، وعلى الثاني يتعيّن الترخيص في الموهوم؛ إذ على تقدير شرب المظنون يعلم بحرمة أحدهما، وإذا شرب المظنون بمحض اختياره فقد حصل له العلم عادة ولو في الآن المتّصل بشربه أنّه سوف يشربه (إلّا في فرض نادر). إذن هو يعلم بفعليّة إحدى الحرمتين. وعلى الثالث يتعيّن الترخيص في المظنون.
والثالث لا يكون محتملاً في قبال الثاني، فإنّنا لا نحتمل أنّ المولى يهتمّ دائماً بجانب ما هو موهوم عندنا دون المظنون، بل إمّا أن يهتمّ بجانب المظنون، أو يجعلنا بالخيار.
وليس التقييد هنا من باب دخل القيد في الملاك الواقعيّ للحرمة كي يقال: ما يدرينا أنّ التقييد هل هو بالشكل الثاني أو الثالث ؟! وإنّما هو من باب رفع العسر والحرج، والتحفّظ على ملاك الواقع بقدر الإمكان، وعندئذ لا نحتمل أن يكون اهتمام المولى بجانب الموهوم دائماً.
فالأمر دائر بين الاحتمال الثاني والاحتمال الأوّل. وإذا كان الأمر كذلك تعيّن الثاني؛ لأنّ تقييد الحرمة على تقدير كونها في طرف الموهوم بفرض ارتكاب المظنون ثابت على كلّ حال، وتقييدها على تقدير كونها في طرف المظنون بفرض ارتكاب الموهوم مشكوك، فنتمسّك بالإطلاق، فيتعيّن بذلك تطبيق دفع الاضطرار