المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

635

مادّة الاجتماع وأزيد من عشرة بعضها أو كلّها من مادّتي الافتراق، وإذا علمنا إجمالاً بعدد مردّد بين عشرة وأكثر، فهذا يعني لا محالة العلم بعشرة والشكّ في الزائد عليها. كما لو علمنا إجمالاً بوجود إناء واحد نجس بين عشرة أوان مثلاً، أو إناءين بينها، فإنّ هذا يعني العلم بنجاسة إناء واحد والشكّ في نجاسة الزائد، ونتيجة ذلك: أنّه لو عصى المكلّف وشرب الجميع، وكان يوجد في الواقع إناءان نجسان بين تلك الأواني لم يعاقب إلّا على تكليف واحد. وكذلك فيما نحن فيه لو خالف تمام المئتين لم يعاقب إلّا على عشرة. وبكلمة اُخرى: إنّ العلمين الصغيرين وإن دلّ كلّ واحد منهما على وجود تكاليف عشرة لكن لمّا كان هناك احتمال انطباق إحدى العشرتين على الاُخرى فكلاهما معاً لا يكشفان عن أزيد من عشرة تكاليف، ونتيجة ذلك: أنّه لو حصّل المكلّف القطع بموافقة عشرة تكاليف إمّا بالعمل بالأخبار المئة، أو بالعمل بالشهرات المئة لم يجب عليه الاحتياط في المئة الاُخرى؛ إذ لم يتنجّز عليه أكثر من عشرة تكاليف، وقد امتثل قطعاً عشرة تكاليف.

وهذا التقريب أنتج الانحلال، بمعنى: أنّه لو عمل أحد بالأخبار التي اُريد إثبات حجّيّتها كفاه ذلك ولم يجب عليه العمل بالشهرات، بخلاف ما مضى: من الإشكال على هذا الدليل العقليّ على لزوم العمل بالأخبار: من أنّ لازمه العمل بالشهرات أيضاً. نعم، لم ينتج هذا التقريب ما أراده بالضبط المستدلّ بهذا الدليل العقليّ: من لزوم العمل تعييناً بهذه الأخبار، بل ثبت أمر بين الأمرين، وهو التخيير بين العمل بالشهرات المئة، أو الأخبار المئة.

والتحقيق: بطلان هذا التقريب للانحلال أيضاً سواء اُريد به الانحلال الحقيقيّ، أو الانحلال الحكميّ:

أمّا الأوّل: فبطلانه واضح، فإنّ دعوى الانحلال الحقيقيّ إنّما يكون لها مجال فيما لو كان الأقلّ موجوداً بتمامه في ضمن الأكثر، فيقال: إنّ العلم الإجماليّ