المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

626

ويرد عليه: أنّه إن سلّم هذا الإطلاق فإنّما يدلّ على حجّيّة خبر غير الثقة الذي علمنا بعدم داعي الكذب في نفسه بالنسبة لهذا الخبر ولم يبق عدا احتمال الخطأ؛ وذلك لأنّ التبيّن من البيان، وهو ظاهر في التبيّن العلميّ ولا يشمل الظنّ، وكون الظنّ بياناً تعبّداً أوّل الكلام، ولا معنى لإثباته بنفس قوله: ﴿تَبيّنوا﴾(1).

نعم، لو تمّت دلالة آية النفر على حجّيّة الخبر أمكن أن يقال: إنّ الخبر الظنّيّ لم يثبت خروجه بالتقييد عن إطلاق الآية، ونحن نأخذ بإطلاقها ما لم يثبت مقيّد، فالخبر الظنّيّ ـ لو بني على تماميّة دلالة آية النفر ـ حجّة، على تأمّل وإشكال في ذلك يظهر من تضاعيف ما قلناه(2)، على أنّ أصل دلالة آية النفر قد عرفت عدم تماميّتها.


(1) وقد يقال بدلالة آية النبأ على حجّيّة الخبر المظنون الصدق لا باعتبار حصول التبيّن من حال الراوي من حيث داعي الكذب وعدمه، حتّى يناقش في شمول إطلاق التبيّن للتبيّن عن حال الراوي، بل بدعوى أنّ الظنّ بالصدق تبيّن عن حال الرواية، والتبيّن عن حال الرواية مقصود بالآية قطعاً.

وجوابه: أنّ التبيّن ظاهر في التبيّن العلميّ، فلو لم يفد خبر الفاسق العلم ولا الاطمئنان الشخصيّ، وإنّما أفاد الظنّ لا أكثر، سواء كان بمعنى احتمال الكذب أو احتمال الخطأ أو كليهما، لم تكن الآية دليلاً على حجّيّته.

(2) لعلّه(رحمه الله) ينظر إلى إمكان دعوى جعل بعض ما يمكن أن يكون رادعاً عن حجّيّة خبر غير الثقة مقيّداً لإطلاق آية النفر ومخرجاً لخبر غير الثقة المفيد للظنّ عن إطلاقها. ولكن تماميّة شيء منها سنداً ودلالة للتقييد محلّ تأمّل. ولعلّه ينظر(رحمه الله)إلى ما مضى: من أنّ التبيّن في آية النبأ ظاهر في التبيّن العلميّ، فعندئذ يمكن أن يقال: إنّ آية النفر دلّت على حجّيّة كلّ خبر، وآية النبأ دلّت على عدم جواز الأخذ بخبر الفاسق إلّا بالتبيّن المفيد للعلم، وهذا يعني عدم حجّيّة خبر الفاسق المفيد للظنّ، وتقدّم آية النبأ على آية النفر بالأخصّيّة.