المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

620

وقد تحصّل من تمام ما ذكرناه: أنّ خبر الثقة حجّة ولو كان معارضاً لأمارة اُخرى غير حجّة أوجبت انتفاء كشفه.

ويؤيّد ذلك بعض الأخبار العلاجيّة، حيث جاء فيه الترجيح بموافقة الكتاب، وبعد فرض التساوي من هذه الناحية بمخالفة العامّة، فإنّ هذا دليل على أنّ الخبر المخالف للكتاب كان في نفسه حجّة حتّى في فرض تعارضه مع الخبر الموافق


يكونا قائمين على حجّيّة خبر الثقة المعارض لأمارة غير حجّة مساوية له في الكشف أو أقوى منه كما هو الحال في حجّيّة الظهور، فلا إشكال في عدم استبعاد العقلاء لحجّيّة هذا النوع من الخبر كاستبعادهم لحجّيّة التفاؤل، والقرعة، والاستخارة، كي يمنع ذلك عن انعقاد الإطلاق للدليل اللفظيّ.

وأمّا سيرة أصحاب الأئمّة فاكتشاف ثبوتها على حجّيّة خبر الثقة المعارض للأمارة غير الحجّة المساوية له في الكشف أو الأقوى منه بالتقريب الذي مضى عن اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) في إثبات السيرة على أصل حجّيّة خبر الثقة مشكل؛ لعدم وضوح كثرة الابتلاء وقتئذ بخبر ثقة من هذا القبيل كي يتمّ هنا ذاك التقريب.

فتحصّل إلى هنا: أنّ هذا التقريب لحلّ الإشكال في المقام كفيل بحلّ الإشكال الإثباتيّ بلحاظ الدليل اللفظيّ لا بلحاظ السيرة، ونضمّ هذا التقريب إلى ما مضى: من الجواب على الإشكال الثبوتيّ، كي ندفع بمجموعهما الإشكال الثبوتيّ والإثباتيّ معاً.

هذا. ولكن الظاهر أنّ دعوى انصراف دليل حجّيّة خبر الثقة عن خبر معارض بأمارة عقلائيّة تسقط كشفه متين، فإنّ المترقّب من العقلاء هو أنّهم لو أرادوا جعل الحجّيّة لخبر الثقة فإنّما يجعلونها في غير هذا المورد، وهذا يكفي للانصراف (بلا حاجة إلى افتراض ارتكاز عدم الحجّيّة كالارتكاز الثابت في التفاؤل والاستخارة)، فإنّ المفهوم عرفاً وعقلائيّاً من دليل الحجّيّة: أنّ الحجّيّة جعلت بنفس النكتة التي لو كان العقلاء يجعلون الحجّيّة لكانوا يجعلونها بتلك النكتة.