المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

613

في تلك الشهرات، فيعقل ثبوتاً جعله للحجّيّة لخبر الثقة المعارض للشهرة. كما ينتفي بذلك أيضاً الإشكال الإثباتيّ؛ لأنّ الكشف المأخوذ في الدليل يحمل على الكشف لدى المولى، فلو كان المولى يرى أنّ صدق خبر الثقة المعارض للشهرة أكثر من صدق الشهرة المعارضة له فالكشف ثابت في المقام، ولو اطّلع العبد على ذلك عرف كاشفيّة خبر الثقة.

ولا يرد على هذا التقريب: ما نقوله في بعض الأحيان: من أنّه ليس البناء على إعمال الغيب في مقام بيان الأحكام الشرعيّة، فإنّ ما قلناه إنّما هو بالنسبة للموضوعات الخارجيّة للأحكام، فلو قال السائل مثلاً: (هل أغتسل في هذا اليوم ؟) فقال الإمام: (نعم)، لم يحمل ذلك على أنّه(عليه السلام) كان يعلم بعلم الغيب بكونه مجنباً، فأمره بالغسل، إنّما يحمل على استحباب الغسل في ذلك اليوم. وأمّا بالنسبة لنفس الأحكام، وحدودها وملاكاتها التي يكون حسابها على المولى، فلابدّ للمولى من النظر إلى تمام الجهات ولو بإعمال الغيب حتّى يحكم.

كما أنّه لا يرد على هذا التقريب: أنّه بعد فرض تقيّد الحكم بالكاشفيّة يكون التمسّك هنا بالإطلاق تمسّكاً بالعامّ في الشبهة المصداقيّة، فإنّ إحراز الكاشفيّة بمعنى غلبة الصدق في نظر المولى غير متحقّق لنا، فكيف نتمسّك بالإطلاق ؟ أو إحراز ذلك من نفس الإطلاق فيستبطن الدور.

والجواب على ذلك من قبل صاحب هذا الوجه: أنّ هذا المخصّص اللبّيّ ـ مثلاً ـ أحرزه نفس المولى، فإطلاق كلامه كإطلاق قوله: (أكرم جيراني) الدالّ على عدم وجود عدوّ له في جيرانه، إذا علم أنّه لا يريد إكرام عدوّه.

ولكن التحقيق: أنّ هذا التقريب وإن دفع الإشكال الثبوتيّ، لكنّه لا يدفع الإشكال الإثباتيّ، فإنّ ظاهر الدليل كان هو أخذ الوثاقة بما لها من الكشف، فالكشف لابدّ أن يكون مستنداً إلى الوثاقة كي يدخل الخبر في إطلاق دليل حجّيّة