المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

610

 

الخبر المعارض لأمارة غير حجّة:

الجهة الخامسة: في أنّه إذا كان خبر الثقة بذاته مورثاً للظنّ المستند إلى الوثاقة لكنّه تعارض مع أمارة اُخرى غير حجّة، وأوجب ذلك سقوطه عن إيراث الظنّ، فهل يبقى على حجّيّته، أو لا ؟

وهذا التعارض ينقسم إلى قسمين: فإنّه تارةً يفرض تعارضه مع أمارة اُخرى، وانتفاء الظنّ الحاصل منه بلحاظ حالة شخصيّة لشخص خاصّ لا يشترك فيه نوع العقلاء، وإنّما يكون ناشئاً عن انحراف ذاك الشخص عن الحالة العقلائيّة المتعارفة. واُخرى يفرض تعارضه مع أمارة اُخرى، وانتفاء الظنّ الحاصل منه في نظر نوع العقلاء، فكلّ عاقل يطّلع على تلك الأمارة المعارضة لا يبقى له عادة ظنّ ناشئ من هذا الخبر.

أمّا القسم الأوّل: فكما لو كان الشخص وهميّاً بحسب حالته النفسيّة، فيعتمد على اُمور وهميّة، فالرؤيا مثلاً تورث له الظنّ بالحكم، ففي مقام الكشف يوقع المعارضة بين الرؤيا وخبر الثقة، ويسقط خبر الثقة عن الكشف.

أو لم يكن وهميّاً في نفسه، ولكن أثّرت فيه اُمور خارجيّة أوجبت له عقدة نفسيّة، كما لو ابتلى صدفة في حياته بأخبار كاذبة كثيرة واردة من الثقات فحصلت له العقدة تجاه خبر الثقة، فأوجبت تلك العقدة إيقاعه للمعارضة بين خبر الثقة، وأدنى أمارة مخالفة بنحو ينتفي في نفسه الظنّ الناشئ من خبر الثقة.

نعم، لو فرض أنّ رؤيته لتلك الأخبار الكاذبة أوجبت تغيير موضوع حساب الاحتمالات في خبر الثقة في ذهنه، فبالرغم من أنّ الناس يعتقدون أنّ الثقة يصدق بمقدار تسعين من المئة ـ مثلاً ـ يعتقد هذا الشخص أنّه يصدق بمقدار سبعين من المئة، وأنّ كلّ مَن اطّلع على ما اطّلع عليه من كذب الثقات لصدّقه في