المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

579

وكقوله: «العمريّ وابنه ثقتان، فما أدّيا إليك عنّي فعنّي يؤدّيان، وما قالا لك عنّي فعنّي يقولان، فاسمع لهما وأطعهما، فإنّهما الثقتان المأمونان».

وقد يقال: إنّ قوله: «ما أدّيا إليك عنّي فعنّي يؤدّيان» خاصّ بالخبر بلا واسطة؛ لأنّ الخبر مع الواسطة ليس أداء عنه، لكن التحقيق هو ما مضى: من أنّ الخبر مع الواسطة راجع إلى الخبر بلا واسطة، فهو لا محالة تأدية عن الإمام(عليه السلام)، فليس حال قوله: (أدّى إليك عنّي) حال قوله: «فإنّه سمع من أبي».

وإن ناقشنا في ذلك وقلنا: إنّ قوله: «أدّيا إليك عنّي» منصرف عن الأداء مع الواسطة الراجع بالتقريب السابق إلى الأداء بلا واسطة كفانا إطلاق قوله: «فاسمع لهما وأطعهما، فإنّهما الثقتان المأمونان»، فإنّ الأمر بالسماع والطاعة يشمل فرض دلالة كلامه على حجّيّة نقل من يروي هذا عنه الذي هو ينقل عن الإمام، فإنّها حكم من الأحكام يتصوّر فيها السماع والطاعة، وقد نقل هذا الشخص موضوعه(1).

إذا عرفت هذا قلنا: تارةً يفترض أنّه يكفي في حصول العلم أو الاطمئنان بحجّيّة خبر الثقة خصوص الأخبار الدالّة على حجّيّة الخبر مع الواسطة بما فيها حديث: «العمريّ وابنه ثقتان» الذي عرفت فيما سبق مزاياه الخاصّة، واُخرى


(1) لا يخفى أنّنا لو سلّمنا انصراف قوله: «ما أدّيا إليك عنّي» إلى النقل المباشر، فهذا صالح للقرينيّة على أن يكون ما فرّع عليه من قوله: «فاسمع لهما وأطعهما» أمراً بإطاعتهما في نفس دائرة النقل المباشر دون نقل موضوع الحجّيّة. وقضيّة أنّ المورد لا يخصّص الوارد لا تأتي هنا، فإنّ الوارد لو كان عامّاً وضعيّاً لا يخصّصه المورد. أمّا إذا كان مطلقاً حكميّاً، فإن كانت هناك نكتة عرفيّة توجب صرف الوارد عن اختصاصه بالمورد تمّ الإطلاق، وإلّا فأصل الإطلاق لا ينعقد؛ لأنّ المورد صالح للقرينيّة للصرف إليه. وقد مضى شرح ذلك منّا في ذيل الروايتين اللتين قد يستدلّ بهما على عدم حجّيّة خبر الواحد.