المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

572

الله(صلى الله عليه وآله)، وأمير المؤمنين(عليه السلام) عن غير طريق الأئمّة كانت مع الوسائط قطعاً، بل وكذا الروايات المرويّة عن الباقر والصادق(عليهما السلام)، فإنّها كانت تنقل للأجيال المتأخّرة، كالمعاصرة للإمام الجواد، والهادي، والعسكريّ(عليهم السلام)بواسطة، أو واسطتين، أو ثلاث، أو أكثر. ومَن يطّلع بحسب الخارج على كيفيّة تلقّي أصحاب الأئمّة(عليهم السلام)للروايات، وكيفيّة اهتمامهم لجمعها من الرواة السابقين عليهم يعرف بوضوح أنّ مثل هذه الروايات كانت تتناقل جيلاً بعد جيل، وتكون داخلة في رواياتهم، والدليل المادّيّ القطعيّ الذي يكون بيدنا تلقّينا لهذه الروايات منهم، فإنّ هذه الروايات تلقّيناها بسند تكون قطعة من هذا السند مشتملة على أفراد متعدّدين واقعين في زمان الأئمّة(عليهم السلام). وخلاصة الكلام: أنّ كون الأخبار مع الواسطة داخلة في محلّ ابتلائهم عموماً من بديهيّات التأريخ.

وعليه نقول: إمّا أنّهم كانوا يعملون بهذه الروايات، أو لا ؟ أمّا الشقّ الأوّل فهو المقصود. وأمّا الشقّ الثاني فهو باطل؛ إذ لا نحتمل أنّهم كانوا يتركون العمل بهذه الأخبار بلا سؤال، فإنّ حال هذه الأخبار ليس حال الاستخارة والقرعة التي يكون الاعتماد عليها في كشف الحكم على خلاف الطبع العقلائيّ.

فخبر الثقة مع الواسطة إمّا أنّ الارتكاز العقلائيّ العامّ قائم على عدم الفرق بينه وبين خبر الثقة بلا واسطة، وإمّا أنّ هناك ميلاً لهم نحو العمل بخبر الثقة مع الواسطة بحيث يكون ذلك مستساغاً عقلائيّاً، أو لا أقلّ من أنّه لم يكن لهم ميل إلى الخلاف، أو ارتكاز على الخلاف، كما هو الحال في القرعة والاستخارة، فلا أقلّ من فرض التحيّر والتبلبل، فيكثر السؤال لا محالة على تقدير عدم السيرة على العمل بخبر الثقة مع الواسطة، ويكثر الجواب بالنفي؛ إذ لو كان الجواب بالإثبات لقامت السيرة على العمل به، والدواعي للسؤال والجواب والنقل متوفّرة، وكيف لا مع أنّ هذا من الابتلاءات العامّة، وممّا يتوقّف عليه أساس الشريعة وكيان الدين؛