المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

569


بالغرض بأكثر من ذلك ثالثة، ولم يعلم أن يكون بمستوى من العموم بحيث يؤدّي ذلك إلى جريهم بطبعهم نحو العمل بخبر الثقة في موارد الاحتجاج، فيصبح عدم الردع من الشارع دليلاً على الإمضاء.

وأمّا سيرة المتشرّعة بالمعنى العامّ المنسجم لافتراض نشوئها من طبعهم العقلائيّ ولافتراض نشوئها من رأي المعصوم(عليه السلام) فالظاهر ثبوتها بالبرهان الذي مضى في المتن عن اُستاذنا الشهيد(رحمه الله).

ومن الفوارق بين السيرتين: أنّ سيرة العقلاء لو تمّت لا يحتمل اختصاصها بباب الأحكام، بل تشمل الموضوعات حتماً؛ لأنّ جذور السيرة ـ وهي درجة الكشف ودرجة الاهتمام ـ لا فرق فيها بين البابين. أمّا سيرة المتشرّعة فاحتمال اختصاصها بباب الأحكام وما يلحق به كإثبات نقل الواسطة للحكم وارد، وتوضيح ذلك: أنّ البرهان الذي مضى عن اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) لإثبات السيرة كان مؤتلفاً من ثلاث مقدّمات، وكانت المقدّمة الاُولى عبارة عن كثرة الابتلاء في زمن المعصومين(عليهم السلام)بالأخبار الظنّيّة، وهذه المقدّمة مختصّة بباب الأحكام، ولا تجري في الموضوعات؛ لأنّ الغالب في الموضوعات وجود طريق آخر يستغنى به بسهولة من خبر الواحد، وذلك إمّا بالاعتماد على أمارات عقلائيّة اُخرى مقطوعة الحجّيّة، كاليد، وسوق المسلمين، والإقرار، ونحو ذلك، أو بسهولة تحصيل العلم بالواقع، وهذا بخلاف باب الأحكام، حيث كان الإمام(عليه السلام)فيما عدا بلد حضوره فيه بعيداً عن متناول الشيعة، بل حتّى في بلد الحضور لم تكن نعمة التشرّف بحضوره موفورة للكلّ خصوصاً في غير زمان الإمام الصادق(عليه السلام)، وهذا ممّا يجعل الابتلاء بأخبار الآحاد عامّاً شائعاً، ويؤدّي إلى تماميّة البرهان الماضي: من أنّه لولا السيرة لكثر السؤال والجواب بالنفي. وكذلك المقدّمة الثالثة من تلك المقدّمات تتمّ في