المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

568

ولو كان هناك ماء عند شخصين أحدهما يريد شربه، ويكون مقتضي الشرب فيه تنجيزيّاً وإنّما الكلام في مانعيّة شرب الآخر عنه؛ إذ لو شربه الآخر لم يتمكّن هذا من الشرب لانتفاء الموضوع، والآخر تكون إرادته للشرب واقتضاؤه له معلّقاً على عدم شرب الأوّل، فلا محالة يشرب الأوّل ولا يشرب الثاني، لفعليّة الاقتضاء وتنجّزه في الأوّل دون الثاني.

هذا تمام الكلام في الإشكال الذي أورده المحقّق الإصفهانيّ(رحمه الله) على الوجه الذي ذكره لترجيح جانب الردع.

وأمّا أصل الوجه الذي ذكره لترجيح جانب الردع فهو متين بعد تغيير يسير لظاهر عبارته (حيث كان ظاهرها أنّ الوجه في تنجيزيّة مقتضي حجّيّة الظهور هو نفس الظهور. والصحيح أنّ الوجه فيها هو الظهور مع عدم العلم بالكذب)، فالواقع أنّ اقتضاء السيرة للحجّيّة معلّق على عدم الردع، واقتضاء الآية للردع والحجّيّة تنجيزيّ؛ إذ الحجّيّة فيها لا تحتاج إلّا أصل ثبوت الظهور مع عدم العلم بالكذب، وكلاهما متحقّقان بالتفصيل الذي ذكره، فهذا الوجه في غاية المتانة، وهو في الحقيقة راجع إلى ما ذكرناه.

هذا تمام ما أردنا ذكره في السيرة(1)، والمقدار الذي ذكرناه فيها يكفي لفهم


(1) اعلم أنّ خلاصة ما نختاره في باب السيرة على العمل بحجّيّة خبر الثقة: أنّ السيرة المدّعاة في المقام لو قصد بها السيرة العقلائيّة ـ وهو المقصود في كلمات الأصحاب هنا ـ فقيام سيرة عقلائيّة على ذلك غير واضح عندي، فلعلّ العقلاء يكون اعتمادهم في مقام الاحتجاج فيما بينهم على البيّنة لا خبر الواحد الثقة كما هو كذلك في باب القضاء حتماً، فهم وإن كانوا في غير القضايا الاحتجاجيّة يعتمدون أحياناً على خبر الثقة لكن هذا يكون بنكتة حصول الاطمئنان تارةً، أو الاحتياط اُخرى، أو عدم الاهتمام