المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

555

في نفسها، فالصحيح أنّه ليست هناك سلسلة دائريّة لا في جانب التخصيص، ولا في جانب الرادعيّة:

أمّا في جانب التخصيص: فما ذكر من الدور عبارة عن أنّ مخصّصيّة السيرة للآيات تتوقّف على عدم رادعيّة الآيات لها؛ إذ مخصّصيّة السيرة تساوق حجّيّتها الموقوفة على عدم الردع، وعدم رادعيّة الآيات لها تتوقّف على التخصيص الكاسر لإطلاقها الرادع.

والتحقيق: أنّ مخصّصيّة السيرة التي هي بروحها عبارة عن حجّيّتها موقوفة على عدم الردع بالآيات، ولكن عدم الردع بالآيات ليس موقوفاً على حجّيّة السيرة؛ وذلك لأنّنا إمّا أن نقول: إنّه يكفي في الردع عن السيرة ورود ظهور عن الشارع على خلافها ولو لم يكن ذاك الظهور حجّة لنا؛ لأنّ ذاك الظهور يكفي في إيجاد احتمال عدم الإمضاء، وبالتالي لا يتحقّق القطع بالإمضاء، وإمّا أن نقول: يجب أن يكون الردع بظهور حجّة لنا:

فإن قلنا بالأوّل، فعدم الدور في غاية الوضوح، فإنّ المفروض أنّ الآيات ظاهرة في الردع، والمفروض أنّ الظهور كاف في باب الردع وإن لم يكن حجّة، فما توقّفت عليه حجّيّة السيرة الذي هو عبارة عن عدم الردع ولو بظهور غير حجّة منتف في المقام، فتنتفي لا محالة حجّيّة السيرة، وليست حجّيّة السيرة علّة لعدم الردع كي يلزم الدور، وإنّما علّته عدم ورود ظهور على خلافها ولو غير حجّة، والمفروض وروده.

وإن قلنا بالثاني، فهنا يأتي مجال لتوهّم الدور، بدعوى: أنّ عدم الردع الموقوفة عليه حجّيّة السيرة موقوف على حجّيّة السيرة؛ إذ لو كانت السيرة حجّة ومخصّصة سقط ظهور الآية عن الحجّيّة، والمفروض أنّه يشترط في الرادع أن يكون حجّة.