المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

553

وأمّا الجواب الثاني: فهو ما أفاده المحقّق الخراسانيّ(رحمه الله) من أنّ الآيات يستحيل رادعيّتها عن السيرة؛ إذ رادعيّتها عنها موقوفة على عدم تخصيصها بالسيرة، وعدم مخصّصيّة السيرة لها موقوف على رادعيّتها عنها، فلزم الدور.

هذا هو أصل الجواب عن إشكال رادعيّة الآيات.

 

مشكلة الدورين المتقابلين:

وقد اصطدم هذا الجواب بلزوم الدور في مخصّصيّة السيرة للآيات أيضاً؛ لأنّ مخصّصيّة السيرة للآيات موقوفة على عدم الردع عنها بالآيات، وعدم رادعيّة الآيات موقوفة على مخصّصيّتها لها.

فإذا اصطدم أحد الدورين بالآخر فقد يخطر بالبال أنّه سقط كلا الأمرين، أعني: الآيات والسيرة عن الأثر، فلا الآيات رادعة للزوم الدور، ولا السيرة مخصّصة للزوم الدور، والنتيجة بعد التساقط تكون في صالح المانعين عن الاستدلال بالسيرة على حجّيّة خبر الواحد.

وقد حصل للأصحاب(قدس سرهم) اتّجاهان في موقفهم تجاه هذين الدورين: أحدهما: تقديم جانب السيرة، والآخر: تقديم جانب الآيات، ولكلّ من الاتّجاهين وجوه. والكلام منّا يقع هنا في مقامين:

أحدهما: في تحقيق الحال في أصل هذين الدورين.

والثاني: فيما حصل للأصحاب من الاتّجاهين وتحقيق الحال فيهما.

 

تحقيق حال الدورين:

أمّا المقام الأوّل: فلا يخفى أنّ هناك ظاهرة غريبة تترتّب على ما ذكروه من الدور في المقام، وهي لزوم ارتفاع النقيضين؛ إذ لو كانت الرادعيّة مستحيلة؛