المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

543

سكت عن بيانها فهذا نقض للغرض؛ إذ المفروض أنّه كان في مقام البيان. وإن كانت الحجّة عنده نفس ما عليه سيرة العقلاء وسكت اعتماداً على السيرة فهذا ليس نقضاً للغرض، فسكوته دليل على الإمضاء بحسب الإطلاق المقاميّ.

ويرد عليه: أنّ الإطلاق المقاميّ إنّما يكون شأنه نفي الزائد لا إثبات الأقلّ، مثلاً لو كان المولى في مقام بيان تمام ما يترتّب من الآثار على ارتماس الصائم في الماء، ولم يبيّن إلّا وجوب القضاء ثبت نفي الكفّارة بالإطلاق المقاميّ؛ لأنّه بصدد بيانها لو كانت ولم يبيّنها. ولو دار أمر العالم بين الاستقلاليّة والمجموعيّة مثلاً، فرغم أنّ الاستقلاليّة والمجموعيّة أمران متباينان، ولكن بما أنّ استقلال الأفراد كأنّه لا يزيد على أصل عموم الأفراد بخلاف الترابط والجزئيّة فيما بينها، فكأنّ دوران الأمر بين الاستقلال والمجموعيّة يعدّ عرفاً دوراناً بين الأقلّ والأكثر، وكأنّ الأقلّ قد بيّن بنفس العامّ، والزائد ـ وهو المجموعيّة ـ ينفى عندئذ بالإطلاق المقاميّ؛ إذ لو كان مقصوداً لبيّن أيضاً؛ لأنّه في مقام بيانه لو كان.

أمّا في المقام فلسنا نحن بصدد نفي حجّيّة أمر زائد كي نقول: إنّ سكوته دليل على عدم حجّيّته لأنّه بصدد بيان الحجّيّة لو كانت، وإنّما نحن بصدد إثبات حجّيّة خبر الثقة، فإن كانت السيرة كافية بقطع النظر عن الإطلاق المقاميّ لإثبات حجّيّته لم نحتج إلى الإطلاق المقاميّ، وإن لم تكن كافية لإثبات حجّيّته فقد كان عليه بيان حجّيّته، وسكوته نقض لغرضه.

الثالث: أنّ العقلاء إذا رأوا أنّ جعل الحجّيّة لخبر الثقة هو شغل جميع الموالي بالنسبة لعبيدهم، وإنّ كون المدار على خبر الثقة هي الطريقة الدائرة لديهم بين الموالي والعبيد، فلا محالة يمشون بحسب سجيّتهم وعادتهم حتّى في أوامر مولاهم الحقيقيّ ولو غفلة، فلو لم يكن هذا مرضيّاً للشارع لردع عنه؛ لأنّه يشكّل خطراً على أغراض المولى.