المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

387

ويبقى الكلام في أنّ الحديث المخالف للكتاب بالعموم من وجه هل يسقط عن الحجّيّة في خصوص مادّة الاجتماع، أو يسقط عن الحجّيّة مطلقاً؟

يمكن أن يتوهّم أنّه يسقط عن الحجّيّة مطلقاً؛ لأنّ ظاهر النهي عن الإذن بحديث يخالف كتاب الله هو إسقاط الحديث نفسه لا إسقاط إطلاقه، فإنّ عنوان الحديث عنوان وجدانيّ بوحدة الكلام الصادر عن المتحدّث، ولا ينحلّ إلى أحاديث متعدّدة، وهذا الأمر الواحد فرض كونه مخالفاً للكتاب بنحو العموم من وجه. لكن هذه الصحيحة لم يؤخذ فيها عنوان الحديث، وإنّما اُخذ فيها عنوان ما خالف كتاب الله وظاهره (الدلالة والكشف الذي يخالف كتاب الله)، وإنّما قلنا بشموله للأحاديث لأنّها القدر المتيقّن من هذا الميزان ولا نحتمل وروده في خصوص غير الأحاديث. والدلالة بالمقدار المخالف للكتاب إنّما هي إطلاق الحديث لا أصل الحديث، فالصحيح أنّ الساقط عن الحجّيّة إنّما هو مادّة الاجتماع.

وفي ختام الحديث نتعرّض لذكر رواية مذكورة في كتاب الكشّي، كي نبحث بعض الخصوصيّات المتعلّقة بهذه الرواية. وهي ما رواه بسند تامّ عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمن: أنّ بعض أصحابنا سأله وأنا حاضر فقال: يا أبا محمّد، ما أشدّك في الحديث وأكثر إنكارك لما يرويه أصحابنا، فما الذي يحملك على ردّ الأحاديث؟ فقال: حدّثني هشام بن الحكم أنّه سمع أبا عبدالله(عليه السلام)يقول: «ولا تقبلوا علينا حديثاً إلّا ما وافق القرآن والسنّة، أو تجدون معه شاهداً من أحاديثنا المتقدّمة، فإنّ المغيرة بن سعيد ـ لعنه الله ـ دسّ في كتب أصحاب أبي أحاديث ما لم يحدّث بها أبي، فاتّقوا الله ولا تقبلوا علينا ما خالف قول ربّنا تعالى وسنّة نبيّنا(صلى الله عليه وآله)، فإنّا إذا حدّثنا قلنا: قال الله ـ عزّ وجلّ ـ وقال رسول الله(صلى الله عليه وآله)». قال يونس: «وافيت العراق فوجدت بها قطعة من أصحاب أبي