المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

386

 

 


الوجه أيضاً؛ إذ لو كان هذا تعبيراً عرفيّاً من هذا القبيل ولم يكن تعبيراً منطقيّاً دقيقاً، إذن لا تؤخذ بالمعنى الدقيق لكلمة النور الذي قد يختصّ بالموافقة، بل يقال: إنّ النور له درجات، والصواب يتّسم كثيراً ببعض درجات النور الشديدة أو الضعيفة، ونفس عدم المخالفة درجة ضعيفة من النور، والموافقة درجة أقوى من النور، وعليه فهذه العبارة لا تكون قرينة على حمل المخالفة على معنى عدم الموافقة، فلعلّ المقصود إنّما هو إسقاط المخالف عن الحجّيّة؛ لكونه عارياً عن النور بتمام معنى الكلمة. وقد مضى منّا في المتن أن نقلنا عن اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) استظهار حمل عدم الموافقة على المخالفة، أو احتمال ذلك بدعوى أنّ الظاهر عرفاً هو تحكيم الضابط الأخصّ في الضابط الأعمّ. ولاُستاذنا الشهيد(رحمه الله) في بحث التعادل والتراجيح وجه آخر لحمل عدم الموافقة على المخالفة بعد فرض ضرورة إدخال ما لا يوافق ولا يخالف، وهو الأكثريّة الغالبة في أحد القسمين، واستبعاد خروجها من مورد نظر الحديث، وهو: أنّ ارتكازيّة حجّيّة تلك الأخبار عند المتشرّعة جيلاً بعد جيل توجب صرف العبارة إلى تفسير الموافقة بعدم المخالفةدون العكس.

الثالث: ما تقدّم فيما سبق من حمل ما اشتمل على كلا عنواني الموافقة والمخالفة على موافقة الروح العامّة للقرآن الكريم ومخالفتها. وعليه فالرواية تكون أجنبيّة عمّا نحن فيه. ولا شكّ في عدم حجّيّة خبر غير منسجم مع طبيعة تشريعات القرآن، ومزاج أحكامه العامّ؛ للقطع بعدم موافقته للواقع. وعليه فالحديث لا يدلّ على سقوط الخبر المخالف للكتاب بالعموم من وجه، بل وحتّى التباين ما لم تكن دلالة القرآن قطعيّة فضلاً عن التعارض بمثل الأخصّيّة. فما ذكره اُستاذنا الشهيد(رحمه الله)هنا: من دلالة الحديثعلى عدم حجّيّة ما يخالف الكتاب بالعموم من وجه، غير صحيح، والصحيح ما جاء في تعارض الأدلّة ـ الطبعة الرابعة، ص 335 ـ: من إنكار دلالة من هذا القبيل.